التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3278 [ ص: 626 ] 53 - [باب] حديث الغار

3465 - حدثنا إسماعيل بن خليل، أخبرنا علي بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر، فأووا إلى غار، فانطبق عليهم، فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه. فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز، فذهب وتركه، وأني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا، وأنه أتاني يطلب أجره فقلت: اعمد إلى تلك البقر. فسقها، فقال لي: إنما لي عندك فرق من أرز. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق. فساقها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك، ففرج عنا. فانساحت عنهم الصخرة. فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران، فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما، فيستكنا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك، ففرج عنا. فانساحت عنهم الصخرة، حتى نظروا إلى السماء. فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي، وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتى قدرت، فأتيتها بها فدفعتها إليها، فأمكنتني من نفسها، فلما قعدت بين رجليها، فقالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه. فقمت وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا. ففرج الله عنهم فخرجوا ". [انظر: 2215 - مسلم: 2743 - فتح: 6 \ 505]


[ ص: 627 ] ذكره من حديث ابن عمر وقد سلف في البيوع بفوائده.

وذكر ابن مردويه في "تفسيره" حديثا عن النعمان بن بشير بإسناد لا يقوى أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث عن أصحاب الرقيم: أن ثلاثة نفر دخلوا إلى كهف فوقع عليهم فقال قائل منهم: تذكروا أيكم عمل حسنة، فذكر مثله.

وقوله: ("فأووا إلى غار") ويقال: أوى بنفسه مقصور، وآويته أنا بالمد. والفرق: ثلاثة آصع -بفتح الراء وسكونها والفتح أشهر- مكيال معلوم. والأرز بضم الراء وإسكانها حكاهما ابن فارس وغيره، وقال القتبي: هو بالضم، وهو ستة عشر رطلا، يريد أنه ثلاثة آصع; لأن الصاع خمسة أرطال وثلث.

وقوله: ("فانساحت عنهم الصخرة") هو بالحاء المهملة، انساح باله إذا اتسع، قال ابن التين: هكذا روي بالخاء المعجمة، وقال الخطابي: صوابه بالمهملة وأصله انصاحت، أي: انشقت، يقال: انصاح الثوب انصياحا إذا انشق من قبل نفسه، قال: والصاد أخت السين. قوله: ("يتضاغون من الجوع"): أي: يصيحون، وأصله من ضغاء الثعلب والسنور يضغو ضغوا وضغاء إذا صاح، وكذلك صوت كل ذليل مقهور، وعلى الأخير اقتصر ابن التين.

[ ص: 628 ] وقوله: ("فكرهت أن أوقظهما، وكرهت أن أدعهما، فيستكنا") هو من المسكنة. وقوله: ("بشربتهما") روي بالباء واللام، أي: لعدم شربتهما وفقدها، فيصيران مسكينين عن ذلك; لأن المسكين الذي لا شيء له.

التالي السابق


الخدمات العلمية