التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3320 3511 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول وهو على المنبر: " ألا إن الفتنة ها هنا-يشير إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان". [انظر: 3104- مسلم: 2905- فتح: 6 \ 540]


[ ص: 55 ] ذكر البخاري فيه أربعة أحاديث:

أحدها:

حدثنا أبو معمر، ثنا عبد الوارث، عن الحسين، عن عبد الله بن بريدة قال: حدثني يحيى بن يعمر، أن أبا الأسود الديلي حدثه، عن أبي ذر أنه سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم فليتبوأ مقعده من النار". ويأتي في الأدب.

وأخرجه مسلم أيضا.

الشرح:

شيخ البخاري أبو معمر اسمه: عبد الله بن عمرو المقعد.

وأبو الأسود اسمه: ظالم بن عمرو بن سفيان بن عمرو بن حلبس بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وقيل: سارق بن ظالم، وقيل عكسه، ولاه ابن عباس قضاء البصرة في خلافة علي- رضي الله عنه- قال ابن سعد: خرج ابن عباس من البصرة واستخلفه عليها وأقره علي.

ومعنى الكفر هنا: كفر الحق وستره بما ارتكب من الباطل. وقال الداودي: يقارب الكفر من عظم جرمه، والنار جزاؤه إن جوزي.

وفي حديث آخر: "من ترك قتل الحيات خشية الثأر فقد كفر".

[ ص: 56 ] والكفر صنفان، بالله وهو الأصل، وبالفرع كالكفر بالقدر وشبه ذلك، ولا يخرج بهذا عن الإسلام.

قال القتبي: كما يقال للمنافق آمن، ولا يقال مؤمن.

و[قال الهروي] : سمعت الأزهري، وسئل عمن يقول بخلق القرآن أنسميه كافرا؟ فقال: الذي يقوله كفر، وأعيد عليه السؤال ثلاثا، كل ذلك يقول مثل ما قال، ثم قال آخرها: قد يقول المسلم كفرا.

قلت: فمن اعتقد إباحة ذلك واستحلاله فهو كافر، فإن لم يعتقده فيقاربه كما مر عن الداودي، أو كفر نعمة الله وإحسانه وحق الله، ومنه "ويكفرن العشير" وغالبا إنما يفعل هذا الجاهل لخبثة نسب أبيه، فيرى الانتساب إليه عارا في حقه، ولا شك أنه محرم.

ومعنى "يتبوأ مقعده من النار": ينزل منزله منها، أو فليتخذ منزلة منها، وهو دعاء أو خبر بلفظ الأمر، ومعناه هذا جزاؤه إن جوزي كما سلف، وقد يوفق للتوبة فيسقط ذلك عنه بالآخرة. فأما في الدنيا فإن

[ ص: 57 ] جماعة قالوا: إذا كذب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا تقبل (توبته)، والمختار قبولها.

الحديث الثاني:

حديث واثلة بن الأسقع يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ما لم يقل".

وأخرجه البخاري في التعبير من حديث ابن عمر- رضي الله عنه- مرفوعا: "أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم يريا".

[ ص: 58 ] والفرى بكسر الفاء، جمع فرية وهي الكذب والبهتة والدهش، يقال: فرى فلان بكذا إذا خلقه، يفري فريا بكسر الفاء، وفرى يفري فرى، وفرى الشيء إذا قطعه لإصلاحه، وأفراه إذا أفسده، وهو هنا الكذب مثل: أم يقولون افترى على الله كذبا [الشورى: 24] أي: اختلق.

والمعنى: أشد الكذب إخبار الرجل أنه رأى في المنام ما لم يره، وذلك لأن المنام جزء من الوحي، فكأنه يخبر أن الله-عز وجل- ألقى إليه ما لم يلقه.

ففيه: تحريم دعوى ما ليس له من كل شيء سواء تعلق به حق لغيره أم لا، وأنه لا يحل لأحد أن يأخذ ما حكم له الحاكم إذا كان لا يستحقه.

فائدة:

في إسناده حريز-وهو بالحاء المهملة ثم راء مهملة ثم مثناة تحت ثم زاي- وهو ابن عثمان رحبي حمصي، مات سنة ثلاث وستين ومائة، ومولده سنة ثمانين عام الحجاف، والنصري الراوي عن واثلة-بالنون- عبد الواحد بن عبد الله.

[ ص: 59 ] الحديث الثالث: حديث أبي جمرة-بالجيم- قال: سمعت ابن عباس- رضي الله عنه-.. سلف في الزكاة.

الحديث الرابع:

حديث ابن عمر- رضي الله عنه- "ألا إن الفتنة ها هنا-يشير إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان". سلف أيضا.

التالي السابق


الخدمات العلمية