التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3491 3694 - حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني حيوة قال: حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد، أنه سمع جده عبد الله بن هشام قال: كنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب. [6264، 6632- فتح: 7 \ 43]


الشرح:

الحفص في اللغة: الأسد. وهو أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى ابن رياح بالكسر والمثناة تحت،- وخالف محمد بن حبيب فقال: بالباء الموحدة- ابن عبد الله بن قراط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي العدوي.

أمه: حنتمة بنت هاشم بن المغيرة المخزومي أم عمر، ولا عقب لهاشم إلا منها، ومن قال: بنت هشام فقد أخطأ، وإنما هي ابنة عمها، يقال: ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، وكان إسلامه بعد ست من النبوة، وقيل: خمس، وقد عقد البخاري بابا في إسلامه، يأتي بعد.

وهاجر في أول المهاجرين إلى المدينة وشهد المشاهد، قال هلال بن يساف: أسلم بعد أربعين رجلا، وإحدى عشرة امرأة، وقيل غير ذلك، وذكر العسكري عن ابن عباس قال: أسلم مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تسعة وتسعون رجلا، وثلاثة وعشرون امرأة، ثم أسلم عمر،

[ ص: 280 ] ونزل جبريل بهذه الآية: يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين [الأنفال: 64]، وزعم السهيلي أن إسلامه كان والمسلمون إذ ذاك بضعة وأربعون رجلا، ولعل ذلك بمكة، وإلا فقد ذكر ابن إسحاق أن في الحبشة كان منهم ثلاثة وثمانين رجلا، وذكر ابن سعد أن إسلامه كان في [ذي] الحجة وله ست وعشرون سنة. وقال الموصلي: أسلم بعد تسعة وأربعين رجلا، وعليه القصاص، وقال الزهري: أسلم بعد أربعين أو نيف وأربعين من رجال ونساء.

لقبه: الفاروق، واختلف هل لقبه بذلك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أو أهل الكتاب أو جبريل. والأول: قالته عائشة- رضي الله عنها- والثاني: الزهري، والثالث: حكاه البغوي، وإنما تسمى بذلك في السماء، واسمه في "الإنجيل": كافي، وفي "التوراة": منطق الحق، وفي الجنة: سراج، وكان (اسمه) عزا ظهر به الإسلام بدعوته- صلى الله عليه وسلم- ففي "صحيح الحاكم" من حديث مجالد، عن الشعبي، عن عبد الله أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك أبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب" ثم قال: تفرد به مجالد عن عامر.

ثم روى من حديث عائشة مرفوعا: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب" يعني: خاصة، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ومدار هذا الحديث على حديث الشعبي عن مسروق، وسيأتي في

[ ص: 281 ] باب إسلامه عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه-: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر.

وروى أبو سعيد إسماعيل بن علي في "الموافقة" من حديث علي مرفوعا: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب". وروى ابن الجوزي في "مناقبه": عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه قال: ركب عمر فرسا فلما ركضه انكشف فخذه فرأى أهل نجران على فخذه شامة سوداء فقالوا: هذا الذي نجد في كتبنا أنه يخرجنا من أرضنا.

وله أوليات وخصائص ذكرتها في (رجال العمدة) فراجعها منه، قتل في سنة ثلاث وعشرين على الصحيح من الهجرة في ذي الحجة ابن ثلاث وستين على الصحيح.

ثم ذكر البخاري في الباب أحاديث، مجموعها ستة عشر حديثا:

أحدها:

حديث جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة، وسمعت (خشفة)، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال. ورأيت قصرا بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر. فأردت أن أدخله، فذكرت غيرتك". فقال عمر- رضي الله عنه-: بأمي وأبي يا رسول الله أعليك أغار؟!

الحديث الثاني:

حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- وفيه: ذكر القصر فينظر.

[ ص: 282 ] وقد سلف في باب صفة الجنة.

ضبط ابن التين الرميصاء بضم الراء وكسر الميم، ثم قال: يحتمل أن تكون أم أنس أو غيرها، وهو غريب، والذي نحفظه بفتح الميم، وهي أم أنس، ويقال: لها الغميصاء، وقال أبو داود: الرميصاء، أخت أم سليم من الرضاعة.

قلت: ولقبت بالرميصاء لرمص كان في عينها، واسمها سهلة أو رميلة، أو رميثة أو آنية أو مليكة، أقوال.

وقوله: ("سمعت خشفة") هو بفتح الخاء وسكون الشين، وحكى شمر فتحها أيضا قال أبو عبيد: الخشفة، الصوت ليس بالشديد يقال : خشف يخشف خشفا إذا سمعت له صوتا أو حركة، قيل: وأصله صوت دبيب الحيات، وقال الفراء: الخشفة الصوت الواحد، والخشفة الحركة إذا وقع السيف على اللحم، وفي الحديث: "يا بلال ما عملك؟ فإني لا أراني أدخل الجنة فأسمع الخشفة"، وفي حديث آخر أنه قال لبلال: "ما أوثق أعمالك في نفسك فإني سمعت دف نعليك في الجنة" قال: إني لم أتطهر قط إلا صليت ما كتب لي.

[ ص: 283 ] والدف: بالفاء الصوت، والفناء ممدود: ما امتد مع القصر من جوانبه من خارج، وقال الداودي: وقد يقال: القصر نفسه فناء.

الحديث الثالث:

حديث الزهري عن حمزة، عن أبيه أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: "بينا أنا نائم شربت-يعني اللبن- حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري".

الحديث سلف في العلم، وحمزة عن أبيه هو ابن عبد الله بن عمر كما سلف هناك.

الحديث الرابع:

حديث سالم عن ابن عمر- رضي الله عنهما- فذكر حديث القليب، وقد سلف قريبا، قال ابن (نمير)-يعني شيخ البخاري-: العبقري: عتاق الزرابي، وقال يحيى: الزرابي هي الطنافس لها خمل رقيق، مبثوثة كثيرة.

وقوله: ("إني رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة"). بإسكان الكاف، وحكي فتحها، وقيل: بكر، يقال: بكرة، بكرة، بكرة.

الحديث الخامس:

محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعنده نسوة من قريش.. الحديث سلف في باب صفة إبليس وجنوده، وفيه: أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يأتيه نساء المؤمنين ينشطن عنده.

[ ص: 284 ] قوله: (ويستكثرنه): يريد العطاء، وقد أبان في موضع آخر أنهن يردن النفقة، وقال الداودي: أراد يكثرن من الكلام عنده، والأول أظهر; لأنه قال: (يكلمنه ويستكثرنه) يريد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا يقال لمن أكثر كلامه: استكثر، وقوله: (عالية أصواتهن). لعله كان طبعا، أو كان قبل نزول الآية.

قوله: ("إيها يا ابن الخطاب")، وفي بعض النسخ: "إيه"، قال ابن التين، وضبط بكسرة واحدة، وصوابه الفتح، أي: كف من لومهن وذلك أن إيه بالكسر والتنوين معناه: زدنا حديثا ما، وبغير تنوين: زدنا مما عهدنا، وأيها بالفتح والتنوين: لا تبدأنا بحديث، وبغير تنوين: كف من حديث عهدناه.

الحديث السادس:

حديث قيس: قال عبد الله: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر- رضي الله عنه-.

أي: لما كان فيه من الجلد والقوة في الله.

وقيس هو ابن أبي حازم، وعبد الله هو ابن مسعود كما سيأتي في باب إسلام عمر- رضي الله عنه-.

الحديث السابع والثامن:

من حديث ابن عباس وأنس- رضي الله عنه- تقدما في أواخر مناقب الصديق.

[ ص: 285 ] الحديث التاسع:

حديث زيد بن أسلم، حدثه عن أبيه قال: سألني ابن عمر- رضي الله عنه- عن بعض شأنه-يعني عمر- فأخبرته. فقال: ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من حين قبض كان أجد وأجود حتى انتهى من عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-.

معنى (أجد): يعني في الأمور، و(أجود): بالأموال; لأنه أجرى الأمور على وجهها.

الحديث العاشر:

حديث أنس- رضي الله عنه- أن رجلا سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: "وماذا أعددت لها؟". قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله- صلى الله عليه وسلم-. فقال: "أنت مع من أحببت". قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أنت مع من أحببت". قال أنس: فأنا أحب النبي- صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.

هذا الحديث أخرجه مسلم في الأدب، وفيه فضل ظاهر للصديق والفاروق.

الحديث الحادي عشر:

حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر".

[ ص: 286 ] قيل: يعني الفراسة، كأنه حدث بذلك الشيء، وقيل-عن الشيخ أبي الحسن-: تكلمهم الملائكة، واحتج بقوله: "يكلمون".

الحديث الثاني عشر:

حديثه أيضا: "من لها يوم السبع" تقدم قريبا.

الحديث الثالث عشر:

حديث المسور بن مخرمة قال: لما طعن عمر- رضي الله عنه- جعل يألم، فقال له ابن عباس-وكأنه يجزعه-: يا أمير المؤمنين، ولئن كان ذاك،

فذكر القصة وفيه: والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه.

قال حماد بن زيد: ثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، [عن] ابن عباس: دخلت على عمر بهذا.

معنى (يجزعه): يزيل جزعه، كقوله تعالى: حتى إذا فزع عن قلوبهم [سبأ: 23] أي: أزيل عن قلوبهم الروع كما يقال: مرضته، إذا عانى إزالة مرضه، ورواه الجرجاني: وكأنه جزع، وهذا يرجع إلى حال عمر، ويصح به الكلام.

و(طلاع الأرض) بكسر الطاء المهملة، وقال الهروي: ما يملأ الأرض حتى يطلع ويسيل. وقال ابن سيده: طلاع الأرض ما طلعت عليه الشمس، وكذلك قال ابن فارس، وقال الخطابي: طلاعها: ملاؤها، أي: ما يطلع عليها، وتشرق فوقها من الذهب.

[ ص: 287 ] الحديث الخامس عشر:

حديث أبي موسى السالف قريبا في آخر باب مناقب الصديق في بشارة الثلاثة بالجنة.

الحديث السادس عشر:

حديث أبي عقيل-بفتح العين- زهرة بن معبد بن عبدالله بن هشام ابن زهرة بن عثمان، ابن عم طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وعبد الله بن معمر بن عثمان بن عمرو; مات سنة اثنتين أو سبع وعشرين ومائة، سمع جده عبد الله بن هشام، قال: كنا مع النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فيه منقبة ظاهرة له.

التالي السابق


الخدمات العلمية