التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
314 [ ص: 101 ] 19 - باب: إقبال المحيض وإدباره وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد بذلك الطهر من الحيضة.


هذا الأثر ذكره مالك في "الموطأ"، فقال: عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه مولاة عائشة أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض يسألنها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. تريد الطهر من الحيضة.

قال أبو محمد بن حزم: خولفت أم علقمة بما هو أقوى من روايتها.

قلت: وأم علقمة اسمها مرجانة، كذا سماها ابن حبان في "ثقاته"، وقال العجلي: مدنية تابعية ثقة.

والدرجة: بضم الدال المهملة وسكون الراء، وقيل: بكسر الدال وفتح الراء، وعند الباجي بفتحهما، وهي بعيدة عن الصواب كما قاله صاحب "المطالع".

وقال ابن بطال: رواية أصحاب الحديث الثاني يعنون بذلك جمع (درج)، وهو الذي يجعل فيه النساء الطيب. وأهل اللغة ينكرون ذلك [ ص: 102 ] ويقولون: أما الذي كن يبعثن به الخرق فيها القطن، كن يمتحن بها أمر طهرهن. واحدتها درجة بضم الدال وسكون الراء.

والكرسف بضم السين مع الكاف: القطن، ويقال له: الكرفس، على القلب.

واختير القطن لبياضه، ولأنه ينشف الرطوبة، فيظهر فيه من آثار الدم ما لا يظهر من غيره.

والقصة -بفتح القاف، وحكى القزاز كسرها، والصاد المهملة: الجص.

ومعناه هنا أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحتشي بها كأنها جصة لا تخالطها صفرة. وقيل: هو ماء أبيض يخرج آخر الحيض مثل الخيط، وفي "محيط" الحنفية: القصة: الطين الذي يغسل به الرأس، وهو أبيض يضرب إلى الصفرة.

وفسر مالك، القصة بقوله: تريد بذلك الطهر كما وقع في البخاري.

وقال الخطابي: تريد النقاء التام. وقال ابن وهب في "تفسيره": رأت الأبيض -القطن- كأنه هو، وقال ابن أبي سلمة: إذا كان ذلك نظرت المرأة إلى مثل ريقها في اللون. وقال مالك: سألت النساء عن القصة البيضاء، فإذا ذلك أمر معلوم عند النساء يرينه عند الطهر.

[ ص: 103 ] وروى البيهقي من حديث ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن فاطمة بنت محمد - وكانت في حجر عمرة- قالت: أرسلت امرأة من قريش إلى عمرة كرسف قطن فيها -أظنه أراد الصفرة- تسألها: إذا لم تر المرأة من الحيضة إلا هذا طهرت؟ قال: فقالت: لا، حتى ترى البياض خالصا.

التالي السابق


الخدمات العلمية