التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3518 3724 - حدثنا مسدد، حدثنا خالد، حدثنا ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي- صلى الله عليه وسلم- قد شلت. [4063- فتح: 7 \ 82]


هذا سلف ثم ساق عن أبي عثمان قال: لم يبق مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في بعض تلك الأيام التي قاتل فيهن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- غير طلحة وسعد. عن حديثهما.

وعن قيس بن أبي حازم، قال: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي- صلى الله عليه وسلم- قد شلت.

الشرح:

هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. أحد العشرة، واحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام وأحد الستة أصحاب الشورى، والخمسة الذين أسلموا على يد الصديق.

أمه: الصعبة بنت عبد الله أخت العلاء بن الحضرمي، من المهاجرات ضرب له النبي- صلى الله عليه وسلم- بسهم واحد يوم بدر وكان غائبا بالشام، وأبلى يوم أحد بلاء عظيما سماه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "طلحة الجود"، و"طلحة الخير"،

[ ص: 325 ] و"طلحة الفياض" ; لكثرة بذله للأموال، وفتى قريش ومن خواصه- كما قال أبو الثناء- أنه- صلى الله عليه وسلم- كان إذا لم يره قال: "ما لي لا أرى الصبيح المنبلج الفصيح"، ولم يثبت معه يوم أحد غيره.

وقال المبرد: حدثني التوزي قال: كان يقال لطلحة بن عبيد الله: طلحة الطلحات، قال المبرد: وكان يوسف بالهمام يعني: في إقدامه روى عنه بنوه وغيرهم: كان أول من قتل يوم الجمل، سنة ست وثلاثين، بالبصرة، عن أربع وستين، أو اثنتين أو ثمان وخمسين، أو خمس وسبعين، أصابه سهم غريب فقطع من رجله عرق النسا، فشج حتى نزف فمات، وخلف مالا جزيلا ثلاثين ألف ألف. وفي الصحابة من اسمه طلحة نحو العشرين.

ومعنى قوله: (لم يبق مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في ما في بعض تلك الأيام) يريد: يوم أحد.

وشلت: بفتح الشين، تشل، ذكره ثعلب، وهو كما قال الشنتمري: بطلان اليد أو الرجل من آفة تعتريها، وليس معناه قطعت كما ذكره ابن

[ ص: 326 ] سيده، وقال الزمخشري: إذا امترخت، وقال كراع في "مجرده" هو تقبض في الكف، وأصله من شللت على فعلت، بكسر العين، قال ابن درستويه: والعامة تقول: شلت بالضم وهو خطأ، وقال اللحياني: إنه قليل، قال ابن الأعرابي: إنها لغة رديئة، وسأل (أبو) موسى الحامض ثعلبا; فقال: كيف نرده إلى ما لم يسم فاعله، قال: يقول: أشلت.

وفي "أيمان العرب" لثعلب: أشل الله عشرة، وأشلت عشرة، يقال: شل، وشل، وعل، وال من الشك وعل، أي: جن، قال الأخفش: أحسب ثعلبا جرى على هذه المزاوجة الكلام; لأن تقدمه وشل، وكذلك الذي يليه، وقال ابن سيده في "عويصه": أشللت يده بالألف، وقيل: إنما قطع إصبعه.

وكان- صلى الله عليه وسلم- لما انحاز إلى الجبل يوم أحد انحاز معه طلحة واثنا عشر رجلا من الأنصار، فلحقهم المشركون فاستأذنه طلحة في القتال فلم يأذن له، واستأذنه رجل من الأنصار فأذن له، فقاتل القوم وأشغلهم بالقتال وقتا من النهار، والنبي- صلى الله عليه وسلم- ذاهب بمن معه فقتل الأنصاري، ثم لحقوهم فاستأذنه طلحة فأبى، واستأذنه أنصاري آخر فأذن له، إلى أن قتل اثنا عشر رجلا، ولحق رسول الله- صلى الله عليه وسلم-وطلحة بالجبل فاتقى عنه بيده، فقطعت إصبعه، فقال: حس، فقال- صلى الله عليه وسلم-: "لو ذكرت الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون".

[ ص: 327 ] وقال سعد: رأيت يوم أحد رجلين أحدهما عن يمين رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والآخر عن يساره، عليهما ثياب بيض يقاتلان قتالا شديدا، لم أرهما قبل ولا بعد، يعني ملكين.

فائدة:

دعا طلحة يوما أبا بكر وعمر وعثمان- رضي الله عنهم- إلى طعام، فدعا خادمه فأبطأ عليه، ثم دعاه فقال: لبيك، فقال له طلحة: لا لبيك، فقال أبو بكر: ما سرني أن أقولها، وإن لي نصف الدنيا، وقال عثمان مثله، وإن لي حمر النعم.

ومر علي بطلحة قتيلا فنزل إليه، وقال: أضحى أبو محمد معفرا في التراب، يعز علي، إلى الله أشكو عجري وبجري غريبا بهذه البلدة، ثم قال:


فتى كان يدنيه الغنى من صديقه إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر



وجمع له ما كان في ذلك من المال، فجاء ابنه عمران فأجلسه إلى جنبه، ورحب به وسهل، ودفع إليه المال، وقال: إنما حفظته عليكم، وأرجو أن أكون أنا وأبوك على سرر متقابلين.

فائدة:

قوله (عن حديثهما) أي أخبراني ذلك يعني: أبا عثمان، وهو النهدي.

التالي السابق


الخدمات العلمية