التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3525 3731 - حدثنا يحيى بن قزعة، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: دخل علي قائف والنبي- صلى الله عليه وسلم- شاهد، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. قال: فسر بذلك النبي- صلى الله عليه وسلم- وأعجبه، فأخبر به عائشة. [انظر: 3555- مسلم: 1459- فتح: 7 \ 87]


ثم ساق من ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: بعث النبي- صلى الله عليه وسلم- بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس في إمارته، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده".

وحديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: دخل علي قائف والنبي- صلى الله عليه وسلم- شاهد، وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. قالت: فسر بذلك النبي- صلى الله عليه وسلم- وأعجبه، فأخبر به عائشة- رضي الله عنه-.

[ ص: 335 ] و(زيد) هو أبو أسامة زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو أول من أسلم من الموالي، وأحد من بادر إلى الإسلام، فأسلم من أول يوم، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد وكان من الأمراء الشهداء، ومن الرماة المذكورين، له حديثان قال ابن عمر: ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزلت: ادعوهم لآبائهم [الأحزاب: 5]: وذكره الله باسمه في القرآن، مات في غزوة مؤتة.

وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام والجاحظ في "الهاشميات" أن قريشا كانت لمحبتها في قصي تسمي أولادها باسمه، وأنه- صلى الله عليه وسلم- لما تبنى مولاه سماه زيدا، وأما ابن إسحاق وغيره فأنشدوا لأبيه حارثة حين فقده ولم يدر أين مكانه:


بكيت على زيد ولم أدر ما فعل أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل



وكان البعث الذي بعث فيه أسامة أرسله إلى يبنا فهدم فيها وأحرق، وكان وجهه قبل مرضه الذي توفي فيه ثم مرض فقال له أسامة: إن بدني لا يقوى أن أمضي على هذه الحال، فأذن له في التربص فتوفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأراد الصحابة أن يمسك أبو بكر ذلك الجيش، فقال: ما كنت لأحل آخر عقد عقده رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأول عقد أعقده أنا، وأمره بالخروج فقال له: ما تأمر. قال: الأمر ما أمرك به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فكلما استشاره في شيء قال: الأمر ما أمرك به رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

وما ذكر أن بعثه إلى يبنا هو قول الداودي، وقال الشيخ أبو محمد في "جامعه": كان إلى مؤتة من أرض الشام، ويهريق بها دما، وهو غريب.

[ ص: 336 ] وقوله: "إن تطعنوا". قد سلف في قول بعضهم-فيما حكاه ابن فارس-: أنه بفتح العين في طعن القول وبضمها في طعن الرمح.

وقوله: "إن كان لخليقا" أي: هو ممن يقدر ذلك فيه أي: حقيق به، والإمارة بكسر الهمزة: الولاية.

والقائف: الذي يحسن الأشباه في الناس وهو مجزز بالجيم، وتكرار زاي، وأبعد من قاله بالحاء، وحكي فتح الزاي الأولى، والصواب الكسر; لأنه جز نواصي العرب.

وهو ابن الأعور بن جعدة بن معاذ بن عتوارة بن عمرو بن مدلج الكناني المدلجي،
ودخوله على عائشة- رضي الله عنها- إما قبل نزول الحجاب أو بعده، وكان من وراء الحجاب.

وقوله: (وأعجبه وأخبر به عائشة) لعله لم يعلم أنها علمت ذلك أو أخبرها، وإن كان علم بعلمها تأكيد الخبر، أو نسي أنها علمت ذلك وشاهدته معه، والرواية الأخرى أنه دخل عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه، فقال: "ألم تسمعي ما قال مجزز؟! " فذكره.

فصل:

وفيه: العمل بالقائف، والحجة على من منعها.

التالي السابق


الخدمات العلمية