التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3587 [ ص: 395 ] 10 - باب: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [الحشر: 9]

3798 - حدثنا مسدد، حدثنا عبد الله بن داود، عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من يضم-أو يضيف- هذا". فقال رجل من الأنصار أنا. فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني. فقال: هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: "ضحك الله الليلة- أو عجب- من فعالكما" فأنزل الله: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [الحشر: 9]. [4889- مسلم: 2054- فتح: 7 \ 119]


ذكر فيه حديث أبي حازم، واسمه سلمان مولى عزة عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رجلا أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلا الماء. فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "من يضم-أو يضيف- هذا؟ " فقال رجل من الأنصار.. الحديث، وقد سلف في أوائل مناقب الأنصار الإشارة إليه.

وفي كتاب الواحدي : عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: أهدي

[ ص: 396 ] لرجل من الصحابة رأس شاة فقال: إن أخي وعياله أحوج منا إلى هذا فبعث به إليه، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها سبعة أبيات، حتى رجعت إلى الأول فنزلت الآية.

فائدة:

هذا الرجل من الأنصار هو أبو طلحة زيد بن سهل زوج أم سليم، كما صرح به الحميدي عن رواية ابن فضيل: فقام رجل من الأنصار يقال له: أبو طلحة يعني: زيد بن سهل. وعند الخطيب: لا أراه أبا طلحة زيد بن سهل بل آخر، يكنى أبا طلحة، وقيل: هو ثابت ابن قيس بن الشماس، قاله القاضي إسماعيل في "أحكامه"، قال: وذلك أن رجلا من المسلمين بقي ثلاثة أيام لا يجد ما يفطر عليه، ويصبح صائما حتى فطن له رجل من الأنصار يقال: ثابت بن قيس بن شماس، وهو [الذي] أسلفناه في الباب السالف، ولابن بشكوال، قيل: هو عبد الله بن رواحة.

وذكر (ابن النحاس) في "تفسيره" أن هذه الآية نزلت في أبي المتوكل، وأن الضيف ثابت بن قيس، وادعى ابن عساكر أنه أبو المتوكل الناجي، وهو عجيب; لأنه تابعي، وذكر بعضهم أنه أبو هريرة.

[ ص: 397 ] وفيه جواز نفوذ فعل الأب على الابن، وإن كان مطويا على ضرر، إذا كان ذلك من طريق التصبر، وأن القول فيه قول الأب، والفعل فعله; لأنهم نوموا الصبيان جياعا; إيثارا لقضاء حق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في تنفيذ دعوته، والقيام بحق ضيفه.

التالي السابق


الخدمات العلمية