التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
331 [ ص: 181 ] 4 - باب: [المتيمم] هل ينفخ فيهما

338 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة، حدثنا الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء. فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: " إنما كان يكفيك هكذا". فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. [339، 340، 342، 343، 345، 346، 347 - مسلم 368 - فتح: 1 \ 343] .


ذكر فيه حديث عمار لعمر: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: "إنما كان يكفيك هكذا". فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.

هذا الحديث ذكره البخاري في الباب الذي يليه معلقا ومسندا من طرق، وأخرجه مسلم أيضا والأربعة، ولا نطول بذكر طرقه فإن محلها الأطراف، وذكر ابن أبي حاتم طرفا منه.

ثم الكلام عليه من وجوه:

أحدها:

عمار بن ياسر كنيته أبو اليقظان مذحجي ثم عنسي، أحد السابقين [ ص: 182 ] الأولين، وهو من الأفراد، أحد من عذب هو وأمه في الله.

وذكر ابن الجوزي أن الكفار أحرقوه بالنار ليرجع عن دينه، فكان - صلى الله عليه وسلم - يمر به، فيمر يده على رأسه ويقول: "يا نار كوني بردا وسلاما على عمار كما كنت بردا وسلاما على إبراهيم".

ثانيها:

فيه نفخ التراب، وهو تخفيف له، ومحله عند الكثرة وضابطه أن يبقى منه قدر الحاجة.

قال ابن بطال: وقد اختلف العلماء في نفض اليدين فيه، فكان الشعبي يقول به، وهو قول الكوفيين، وقال مالك: نفضا خفيفا. وقال الشافعي: لا بأس أن ينفضهما إذا بقي في يديه غبار يمس، وهو قول إسحاق. وقال أحمد: لا يضر فعل أو لم يفعل. وكان ابن عمر لا ينفض يده.

ثالثها:

أن المتأول لا إعادة عليه ولا لوم؛ لأن عمارا تأول أن التيمم لا يكفي لوجهه ويديه في الجنابة كما يجزئه في الوضوء؛ فلم يأمره الشارع بالإعادة؛ لأنه زاد على الواجب.

رابعها:

ذكر البخاري في أواخر التيمم مسح الكف قبل مسح الوجه، أتى فيه [ ص: 183 ] بلفظ (ثم)، وبها قال الأوزاعي وأبو حنيفة، وخالف الشافعي.

خامسها:

اقتصر هنا على ذكر الكف، وبه قال أحمد، وهو قول قديم للشافعي قوي في الدليل، قال البيهقي: ولعل حديث ابن عمر وذراعيه بعده، وجاء في رواية: إلى المناكب. وفي أخرى: إلى نصف الذراع.

قال ابن عبد البر في "تمهيده": كل ما يروى عن عمار في هذا مضطرب مختلف فيه، وأكثر الآثار المرفوعة عنه ضربة واحدة للوجه واليدين.

التالي السابق


الخدمات العلمية