التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
3810 4036 - فقال أبو بكر: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا نورث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال". والله لقرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحب إلي أن أصل من قرابتي. [انظر: 3093- مسلم: 1759 - فتح: 7 \ 336]


(باب حديث بني النضير) قد سلف الكلام على ذلك قريبا واضحا.

والنسبة إلى بني النضير نضري.

وهي عند ابن إسحاق في شهر ربيع الأول على رأس خمسة أشهر من وقعة أحد، وهو خلاف ما في الكتاب عن عروة، قال موسى بن عقبة: وكانوا قد دسوا إلى قريش في قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحضوهم عليه ودلوهم على العورة.

وقال ابن سعد: خرج إليهم يوم السبت في ربيع الأول على رأس سبعة وثلاثين شهرا من مهاجره ، وذكر عبد بن حميد في "تفسيره" عن قتادة: كانت مرجعه من أحد، وعن عكرمة هي قبل قتل ابن الأشرف، وأنه في صبيحة قتله أجلاهم، فقالوا: ذرنا نبك على سيدنا. فقال لهم: "لا"، قالوا: فحزة على حزة؟ قال: "نعم" .

وقول الزهري الذي ذكره البخاري أسنده الحاكم في "إكليله" من حديث موسى بن المساور، عن عبد الله بن معاذ، عن معمر، عنه، به.

[ ص: 117 ] وفي "الإكليل" عن عروة: بنو النضير ثم ذات الرقاع، ثم دومة الجندل، ثم الخندق. ويأتي في "الصحيح" عن عائشة رضي الله عنها: لما رجع - صلى الله عليه وسلم - من الخندق ووضع السلاح، أتاه جبريل فقال: وضعت السلاح! والله ما وضعناه، اخرج إليهم قال: "إلى أين"؟ قال: إلى هاهنا وأشار إلى بني قريظة .

وقال الحاكم: اتفق أهل المغازي على خلافه، فعد إجماعهم أنها قبل الخندق على خلاف بينهم في وقته، قال: وغزوة بني قريظة والنضير وأحد.

وتابع ابن إسحاق على ذكرها هنا أبو معشر وابن سعد ومقاتل والفراء والزجاج، ونقله إسماعيل بن زياد عن ابن عباس.

فصل:

و (الرجلان) هما اللذان قتلهما عمرو بن أمية الضمري حين قتل أصحاب بئر معونة، وكان عمرو ورجل آخر في سرحهم.

قال ابن هشام: هو المنذر بن محمد; قال: لما قاتل وأسروا عمرا ثم أطلقه عامر بن الطفيل عن رقبة زعم أنها كانت على أمه، فخرج عمرو حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة أقبل رجلان من بني عامر، قال ابن هشام: ثم من بني كلاب.

وذكر أبو عمر أنهما من بني سليم حتى نزلا معه في ظل هو فيه، فكان مع العامريين عقد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوار لم يعلم به عمرو، وقد سألهما حين نزلا: ممن أنتما؟ فقالا: من بني عامر فأمهلهما

[ ص: 118 ] حتى إذا ناما، عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه قد أصاب بهما ثؤره .

وروى ابن عباس رضي الله عنهما فيما ذكره أبو نعيم في "دلائله": أنه - صلى الله عليه وسلم - أتى بني قريظة فسألهم فرحبوا به، وقالوا: إخواننا من بني النضير لا نحب أن نقطع أمرا دونهم، نعلمهم وتأتينا يوم كذا فلما جاء يوم وعدهم أدخلوه في صفة لهم، ثم خرجوا يجمعون به السلاح وينتظرون ابن الأشرف أن يقدم من المدينة ليثوروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل عليه جبريل بخبرهم، فقام ولم يؤذن أصحابه مخافة أن يثوروا إليهم فوقف على باب الحجرة، فلما أبطأ خرج علي فقال: يا رسول الله، أبطأت علينا، فقال: "غدرت بي يهود، أقم مكانك فلا يخرج بعض أصحابك" فأخبره بالأمر، وأوقفه حتى يخرج صاحبه، وكان معه أبو بكر وعمر.

وفي لفظ: أن بني النضير لما تآمروا ألقوا عليه حجرا فأخذه جبريل . وقال ابن إسحاق: فلما قدم عمرو على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره قال - صلى الله عليه وسلم -: "لقد قتلت قتلتين لأدينهما" قال: وكان بين بني النضير وعامر حلف وعقد، فقالوا: نعم، يا أبا القاسم نعينك، ثم خلا بعضهم ببعض، فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنب جدار من بيوتهم قاعد، (فمن) رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب

[ ص: 119 ] لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعلي .

زاد أبو نعيم: والزبير وطلحة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة، فقال حيي بن أخطب: قد جاءكم محمد في نفير لا يبلغون عشرة، فاطرحوا عليه حجارة فاقتلوه .

قال ابن إسحاق: فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام راجعا إلى المدينة فلما استلبث أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة، فسألوه عنه فقال: رأيته داخلا المدينة فأسرع الصحابة حتى انتهوا إليه فأخبرهم بما كانت اليهود أرادت من الغدر به .

قال موسى بن عقبة: ونزل في ذلك: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم الآية [المائدة: 11] زاد ابن سعد: فإن ابن جحاش لما هم بما هم به قال سلام بن مشكم: لا تفعلوا، والله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه، وبعث إليهم رسول الله " - صلى الله عليه وسلم - محمد بن مسلمة أن اخرجوا من بلدي فلا تساكنوني بها وقد هممتم بما هممتم به من الغدر، وقد أجلتكم عشرا، فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه، فمكثوا أياما يتجهزون، فأرسل إليهم ابن أبي فثبطهم، فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا لا نخرج واصنع ما بدا لك. قال - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبر حاربت يهود" فخرج إليهم، فاعتزلتهم قريظة

[ ص: 120 ] فلم تعنهم وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان، وحاصرهم خمسة عشر يوما ، وكذا ذكر المدة المذكورة أبو معشر وابن حبان وتوبعا ، وفي ابن إسحاق عن ابن هشام : ست ليال ونزل تحريم الخمر ، وقال سليمان التيمي: قريبا من عشرين ليلة، وقال ابن الطلاع: ثلاثة وعشرين يوما. وعن عائشة: خمسة وعشرين يوما. وفي "تفسير مقاتل": إحدى وعشرين ليلة. قال ابن سعد: ثم أجلاهم فتحملوا على ستمائة بعير وكانت صفيا له، حبسا لنوائبه، ولم يخمسها ولم يسهم منها لأحد إلا لأبي بكر وعمر وابن عوف وصهيب بن سنان والزبير بن العوام وأبي سلمة بن عبد الأسد وأبي دجانة .

وروى عبد بن حميد في "تفسيره": عن عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب عن رجل له صحبة إن سبب إجلاء بني النضير أن كفار قريش كتبوا بعد بدر إلى اليهود (ينذرونهم) فلما بلغهم ذلك اجتمعت بنو النضير على الغدر. وأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اخرج إلينا في ثلاثين من أصحابك، ولنخرج إليك في ثلاثين حبرا فقالوا بعد: اخرج في ثلاثة ونحن في ثلاثة ففعل، واشتمل كل يهودي على خنجر للفتك به فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها رجل مسلم من الأنصار فأخبرته، فأقبل أخوها سريعا حتى

[ ص: 121 ] أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساره بذلك فرجع، فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء منذ كتب الله -عز وجل-

على بني إسرائيل الجلاء فذلك إجلاؤهم .

قال عبد بن حميد: حدثنا إبراهيم بن الحكم عن أبيه، عن عكرمة أنه - صلى الله عليه وسلم - غدا يوما إلى بني النضير ليسألهم كيف الدية فيهم فلم يروا معه أحدا فائتمروا بقتله فذكر الحديث، ولأبي نعيم: عزم اليهود على ما هموا به، فقال لهم كنانة بن صوريا: قد أخبره الله بما هممتم به من الغدر والله إنه لرسول الله فلا تخدعوا أنفسكم .

فائدة:

قوله: ( لأول الحشر ) قيل: هو أول حشر إلى الشام يحشر إليها يوم القيامة. قاله الأزهري . وقال القتبي: الحشر: الجلاء، وذلك أن بني النضير أول من أخرج من ديارهم. قال ابن التين: (ومخرجه - صلى الله عليه وسلم - .. إلى آخره) لم يأت به في الحديث; لأنه مشهور عند غيره وليس فيه حديث ذو إسناد وقد أسلفته لك.

ثم ذكر البخاري في الباب سبعة أحاديث:

أحدها:

حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير، وأقر قريظة ومن عليهم، حتى حاربت قريظة، فقتل رجالهم، وسبى نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين، إلا بعضهم لحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فآمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة

[ ص: 122 ] كلهم: بني قينقاع وهم رهط عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهود المدينة.

(قينقاع): نونه مثلثة كما سلف، وسلام مخفف اللام.

ثانيها:

حديث أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: سورة الحشر. قال: قل: سورة النضير.

(تابعه هشيم) هذه المتابعة أسلفها في التفسير من حديث سعيد بن سليمان عنه . قال الداودي إنما أنفي أن يكون الحشر يوم القيامة أو غيره فكره النسب إلى غير معلوم.

ثالثها:

حديث أنس: كان الرجل يجعل للنبي - صلى الله عليه وسلم - النخلات حتى افتتح قريظة والنضير، فكان بعد ذلك يرد عليهم.

رابعها:

حديث ابن عمر رضي الله عنهما: حرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نخل بني النضير وقطع -وهي البويرة- فنزلت: ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله [الحشر: 5].

قال أهل التأويل: وقع في [قلب] نفر من المسلمين من قول اليهود: قد كنت تنهى عن الفساد فما هذا الفساد؟ شيء حتى أنزل الله ما قطعتم من لينة إلى قوله: وليخزي الفاسقين .

واللينة: ألوان التمر ما عدا العجوة والبرني، وأصل لينة لونة، فقلبت الواو لانكسار ما قبلها، وقيل: إنها العجوة. حكاه الداودي.

[ ص: 123 ] وفيه: أنه لم يحرق من نخلهم شيئا إلا ما ليس بقوت للناس وكانوا يقتاتون العجوة، وفي الحديث: "العجوة من الجنة" . وثمرها يغدو أحسن غذاء، والبرني أيضا كذلك.

وفي "معاني الفراء" من حديث الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل كله إلا العجوة ذلك اليوم . ففي قوله تعالى: ما قطعتم من لينة تنبيه على كراهة قطع ما يقتات به ويغذو من شجر العدو إذا رجي أن يصير للمسلمين، وقد كان الصديق يوصي الجيوش: لا تقطعوا شجرا مثمرا ، وأخذ بذلك الأوزاعي فإما تأولوا الحديث، وإما خصوه بالشارع، وقد سلف إيضاح ذلك في موضعه، ولم يختلفوا أن سورة الحشر نزلت

في بني النضير ولا اختلفوا أموالهم لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب ولكن قذف الرعب في قلوبهم فجلوا عن منازلهم إلى خيبر، ولم يكن ذلك عن قتال من المسلمين لهم، فقسمها بين المهاجرين دون الأنصار; ليدفع بذلك مؤنتهم عن الأنصار إذا كانوا قد ساووهم في الأموال والديار، وأعطى رجلين من الأنصار محتاجين كما ذكره في "الإكليل": سهل بن حنيف وأبا دجانة، وأعطى سيف بن أبي الحقيق سعد بن معاذ، وكان سيفا له ذكر عندهم، وذكر أبو بكر البلاذري في "فتوحه" أن قوله تعالى: ويؤثرون على أنفسهم [الحشر: 9]، نزلت فيهم، وقال الصديق: جزاكم الله

[ ص: 124 ] يا معشر الأنصار خيرا، فوالله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال الغنوي :


جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت بنا نعلنا في الواطئين فزلت     أبوا أن يملونا ولو أن أمنا
تلاقي الذي لاقوه منا لملت



وفي "تفسير الضحاك": أمر - صلى الله عليه وسلم - بضيفة من النخل يقال له البرني، وكانت النخلة فيها (...) إليهم من وضيف أو وضيفة، وكان تمر ذلك الصنف أصفر وحجمه صغير، فقطع منها ست نخلات، وعند مقاتل: وكان الناس تطيب فيه إذا تصنع.

الحديث الخامس: حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير، قال: ولها يقول حسان بن ثابت:


وهان على سراة بني لؤي ...     حريق بالبويرة مستطير



قال: فأجابه أبو سفيان بن الحارث:


أدام الله ذلك من صنيع     وحرق في نواحيها السعير
ستعلم أينا منها بنزه     وتعلم أي أرضينا تضير



هذه رواية البخاري: وقال أبو عمرو الشيباني وغيره: أن أبا سفيان بن الحارث قال:

يعز على سراة بني لؤي

.. البيت، ويروى: بالوبيلة.

وذكر ابن سعد أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير بن العوام، وأبا سلمة البويرة من أرضهم فأجابه حسان:

[ ص: 125 ]

أدام الله ذلكم حريقا     وضرم في طوائفها السعير
هم أوتوا الكتاب فضيعوه     فهم عمي عن التوراة بور



وهذه أشبه بالصواب من الرواية الأولى كما قاله بعض شيوخنا . و (البويرة): بضم الباء تصغير فعدله، وهي حذو الثبرة من تيماء، قال أبو عبيد: تسير من المدينة منازل إليها و (قول حسان: لهان على سراة بني لؤي) لأن قريشا الذين حملوا كعب بن أسد القرظي صاحب عقد لبني قريظة على نقض العهد بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى خرج معهم في الخندق.

وقوله: (بنزه) أي: ببعد، قال ابن التين: وهو بفتح النون وضبط في بعض النسخ بضمها.

وقوله: (نضير)، أي: نضر و (الضير): المضرة.

الحديث السادس:

حديث الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - دعاه إذ جاءه حاجبه يرفا .. الحديث سلف في باب فرض الخمس زاد هنا في آخره قال: فحدثت بهذا الحديث عروة بن الزبير فقال: صدق مالك بن أوس أنا سمعت عائشة تذكر حديث: "لا نورث، ما تركنا صدقة .. " فكانت هذه الصدقة بيد علي منعها علي عباسا فغلبه عليها، ثم كان بيد الحسن، ثم بيد الحسين، وحسن بن حسن، كلاهما كانا يتداولانها، ثم بيد زيد بن حسن، وهي صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقا، والنصري، ثم بيد علي بن الحسين بالنون.

[ ص: 126 ] وقول عمر: (أنشدكم بالله) أي: أسألكم، وقال الداودي: أذكركم الله وأخوفكم أن قولوا الحق.

وقوله: ("لا نورث، ما تركنا صدقة") يريد الأنبياء، وقد جاء مصرحا به كذلك، وقد سلف هناك; وعورض بقوله تعالى: وورث سليمان داود [النمل: 16]، وقوله: في زكريا يرثني ويرث من آل يعقوب [مريم: 6].

والجواب: إنما ورث العلم والنبوة، يوضحه أنه لو كان المراد المال كان زكريا أحق بالميراث من آل يعقوب، وكيف يرث ما قد ورثه أبوه عن (...) فالسنة مفسرة للقرآن.

وقوله لعلي وعباس: (هل تعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك)، يعني: لا نورث. قالا: نعم.

وقوله بعد: (ثم جئتماني) أي: يسألان الميراث; لا يعدو أحد منعه هل تعلمان ذلك إنهما قد أخبرا ذلك عنه، فعلما بالخبر، أو يكونا سألاه الميراث فذكرا شيئا سمعا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكراه; قاله الداودي.

وقوله: (فاستب علي والعباس) ليس من الشتم الذي يفعله رعاع الناس وغوغاؤهم، ولعله ذكر تخلفه عن الهجرة ونحو ذلك.

[ ص: 127 ] وقوله: (إنما يأكل في هذا المال) أي: يعطون منه ما يكفيهم ليس على وجه الميراث.

الحديث السابع: حديث عائشة رضي الله عنها، بمثله.

والإيجاف في الآية المذكورة وفي الحديث قبله سرعة السير كالعنق، وقال الداودي: هو السفر والركاب: الإبل. قال: وفي أخذه لأهل السنة دلالة على فضل الكفاف.

قيل: وفيه: إيجاب النفقات للزوجات، وإباحة أخذ القوت.

وقول أبي بكر: (أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) يعني: خليفته على أمته. ومعنى: (غلبه عليها) ليس غلبة قهر، فلعل عليا سأله ذلك; لأنه أقوى على ذلك منه، وما كان لينكر فضل العباس.

وفيه: خروج عن الظاهر، إلا أنه أليق بالحمل عليهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية