1. الرئيسية
  2. التوضيح لشرح الجامع الصحيح
  3. كتاب المغازي
  4. باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم

التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4025 [ ص: 418 ] 46 - باب: غزوة الفتح

وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياهم.


4274 - حدثنا قتيبة، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار قال: أخبرني الحسن بن محمد، أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول: سمعت عليا - رضي الله عنه - يقول: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال: " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوا منها". قال: فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة قلنا لها: أخرجي الكتاب. قالت: ما معي كتاب. فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب. قال: فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم ،- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا حاطب ما هذا؟ ". قال: يا رسول الله، لا تعجل علي، إني كنت امرأ ملصقا في قريش -يقول: كنت حليفا- ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات، يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنه قد صدقكم". فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال: "إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". فأنزل الله السورة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة إلى قوله: فقد ضل سواء السبيل [الممتحنة: 1]. [انظر: 3007- مسلم: 2494 - فتح: 7 \ 519]


ذكر فيه حديث علي - رضي الله عنه - في كتابة حاطب إلى أهل مكة، وقد سلف في الجهاد فراجعه، والظعينة: المرأة كما سلف.

[ ص: 419 ] وقول علي - رضي الله عنه -: (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد) أكد الضمير المنصوب بأنا، كقوله تعالى: إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا [الكهف: 39] وقيل: لا يؤكد بها ضمير المنصوب; لأنها في موضع رفع، ولا يؤكد المنصوب بالمرفوع، ويكون أنا في الآية فاصلة على هذا مثل: تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا [المزمل: 20] وقوله: (فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة الآية إلى قوله: فقد ضل سواء السبيل هذا صريح في نزول الآية فيه، وقد ذكره كذلك في التفسير كما ستعلمه.

قال مجاهد: نزلت أيضا في قوم مع حاطب كتبوا إلى أهل مكة يحذرونهم .

وقوله تعالى: بالمودة أي: تلقون إليهم النصيحة بالمودة; لأن (من) لا تزاد في الواجب عند البصريين ، وأجازه بعض الكوفيين كما سلف هناك. قال الفراء: دخول الباء وخروجها سواء .

وقوله تعالى: وأنا أعلم بما أخفيتم أي: فكيف يخفى علي تحذيركم الكفار.

وقوله: إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي فيه تقديم وتأخير، المعنى: لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إن كنتم خرجتم، هذا ما عليه الأكثر، وقيل: إن في الكلام حذفا، أي: إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي فلا تلقوا إليهم بالمودة.

[ ص: 420 ] وقوله: تسرون إليهم بالمودة يجوز أن يكون بدلا وتبعا من تلقون، والأفعال تبدل من الأفعال،، وقيل المعنى: أنتم تسرون إليهم. ثم خبر تعالى بتبرؤ إبراهيم من المشركين وعداوته إياهم، فقال: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم

فائدة:

المرأة المذكورة قد أسلفنا في الجهاد أن اسمها سارة، أمر - صلى الله عليه وسلم - بقتلها يوم الفتح مع هند بنت عتبة وفرتنى، وقريبة، وعكرمة، وهبار و (أم سعد) ، ومقيس بن صبابة الليثي، والحويرث بن نقيد بن بحير بن عبد بن قصي، وابن خطل ستة نفر وأربع نسوة فقتل منهم ابن خطل ومقيسا والحويرث قاله ابن سعد ، و (أم) سعد قاله ابن إسحاق قال: وكان لابن خطل قينتان تغنيان بهجائه - صلى الله عليه وسلم - فرتنى وصاحبتها .

قال بعضهم: صاحبتها أرنب فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآمنها. وأما سارة فاستؤمن لها فآمنها ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا زمن عمر; بالأبطح فقتلها، وكانت مولاة لبني عبد المطلب.

[ ص: 421 ] والحويرث قتله علي وكان نخس بفاطمة وأم كلثوم حين أريد بهما المدينة، فرمي بفناء الأرض، وكان ابن خطل بعثه مصدقا فقتل مسلما وارتد مشركا، وكان مقيس قتل الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ بعد أخذ ديته، ورجع إلى قريش مشركا، فقتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه.

فائدة أخرى:

حاطب ابن أبي بلتعة -والبلتعة في اللغة: التطرف قاله أبو عبيد، واسم أبي بلتعة عمرو، وقيل: أبو بلتعة بن عمرو بن عمير بن سلمة بن صعب بن سهل بن العتيك بن سعاد -بتشديد العين بن راشدة وكان اسمه خالفة فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – راشدة بن أدب بن جزيلة -بفتح الجيم وكسر الزاي- بن لخم أخي جزام وعاملة، حليف عبيد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي، يكنى أبا محمد أو أبا يحيى أو أبا عبد الرحمن، شهد بدرا والحديبية وما بعدها، وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكتاب إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية في المحرم سنة ست بعيد الحديبية، فأقام عنده خمسة أيام، ورجع بهدية، منها مارية أم إبراهيم، وأختها سيرين وبغلته دلدل، وحماره يعفور وعسل وثياب وغير ذلك من الطرف، ثم بعثه الصديق أيضا إلى المقوقس، فصالحهم، فلم يزالوا كذلك حتى دخلها عمرو بن العاصي، فنقض الصلح وقاتلهم، وافتتح مصر، وذلك في سنة عشرين في خلافة عمر ، وكان شديدا على الرقيق، انتحر رقيقه ناقة لرجل من مزينة، فقال

[ ص: 422 ] عمر: أراك تجيعه وأضعف عليه القيمة على جهة الأدب والردع ، وكان من فرسان قريش وشعرائهم، مات بالمدينة سنة ثلاثين، فصلى عليه عثمان عن خمس وستين سنة، وكان تاجرا يبيع الطعام، وترك يوم مات أربعة آلاف دينار ودراهم وغير ذلك، وفي الصحابة حاطب أربعة سواه منهم حاطب بن عمرو بن عبيد الأوسي بدري أيضا، لم يذكره ابن إسحاق فيهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية