التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4068 [ ص: 469 ] 55 - باب: غزوة أوطاس

4323 - حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن بريد بن عبد الله، عن أبي بردة، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: لما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه. قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني. فقصدت له فلحقته فلما رآني ولى، فاتبعته وجعلت أقول له: ألا تستحي؟! ألا تثبت؟! فكف فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته، ثم قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك. قال: فانزع هذا السهم. فنزعته فنزا منه الماء. قال: يا ابن أخي، أقرئ النبي - صلى الله عليه وسلم - السلام، وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيرا ثم مات، فرجعت فدخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته على سرير مرمل وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له: استغفر لي. فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال: "اللهم اغفر لعبيد أبي عامر". ورأيت بياض إبطيه ثم قال: "اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس". فقلت: ولي فاستغفر. فقال: "اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما". قال أبو بردة إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى. [انظر: 2884- مسلم: 2498 - فتح: 8 \ 41]


ذكر فيه حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قال: لما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس، فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه. قال أبو موسى: وبعثني مع أبي عامر، فرمي أبو عامر في ركبته، رماه جشمي بسهم فأثبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عم، من رماك؟ فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني. فقصدت له فلحقته فلما رآني ولى، فاتبعته إلى أن قال: فقتلته ثم مات أبو عامر واستخلفه

[ ص: 470 ] وفيه: "اللهم اغفر لعبيد أبي عامر" واستغفر له أيضا.


قال ابن هشام: رماه أخوان من بني جشم بن معاوية فأصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته . وعند ابن عبد البر: هما العلاء وأوفى ابنا الحارث .

وقوله: (فأتبعته) ضبط بقطع الألف، وصوابه بوصلها وتشديد التاء; لأن معناه: سرت في أثره. ومعنى (أتبعت) بقطع الألف: لحقته. والمراد هنا: سرت في أثره.

وقوله: (على سرير مرمل) أي: منسوج بحبل ونحوه.

وقوله: (وعليه فراش) قال أبو الحسن: الذي أحفظ في هذا: (ما عليه فراش) وأراها سقطت.

ودريد بن الصمة هذا له رأي ومعرفة بالحرب، وكان شجاعا مجربا كما بينه ابن إسحاق في "سيرته" .

وأوطاس: اسم موضع كما صرح به الجوهري . وقيل: ماء لبني سليم، حكاه أبو موسى في "المغيث" وبه كانت الوقعة، من وطست الشيء وطسا إذا كدرته وأثرت فيه، والوطيس: نقرة في حجر يوقد حوله النار فيطبخ به اللحم، والوطيس: التنور. فلما انهزم الكفار يوم حنين وأمر - صلى الله عليه وسلم - بطلبهم انتهى بعضهم إلى الطائف وبعضهم نحو نخلة وتوجه قوم منهم إلى أوطاس، فعقد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي عامر لواء ووجهه في

[ ص: 471 ] طلبهم فانتهى إلى عسكرهم، فإذا هم ممتنعون فقتل منهم أبو عامر تسعة مبارزة، ثم برز له العاشر معلما بعمامة صفراء فضرب أبا عامر فقتله، واستخلف أبا موسى فقاتلهم حتى فتح الله عليه، وقتل قاتل أبي عامر.

فائدة:

في الجزء الثاني من السادس لابن السماك من حديث مقاتل بن حيان عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة أوطاس في حر شديد، وكان شباب المسلمين يحتلمون فيغتسلون بالماء البارد فيتأذون، حتى شكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال -"عليه السلام"-: "إذا أخذ أحدكم مضجعه فليذكر الله، يسبح حتى يحس بالنعاس، فإذا أحس فليقل ثلاث مرات: أعوذ بالله من الأحلام والاحتلام، وأن يلعب بي الشيطان في اليقظة والمنام" قال ابن عمر: وأنا يومئذ في شباب المسلمين لقد تأذيت بالاحتلام والاغتسال وبرد الماء، فقلنا هذا الكلام فاسترحنا .

فائدة: أسلم في غزوة حنين شيبة بن عثمان، وكان أضمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوءا، فرفع له شواظ من نار كالبرق فذب عنه فأسلم كما أسنده سعد.

[ ص: 472 ] فائدة:

قتل مع أبي عامر أيضا أيمن بن عبيد، وهو ابن أم أيمن، وسراقة بن الحارث وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية