التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
369 [ ص: 355 ] 17 - باب: الصلاة في الثوب الأحمر

376 - حدثنا محمد بن عرعرة قال: حدثني عمر بن أبي زائدة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالا أخذ عنزة فركزها، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حلة حمراء مشمرا، صلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون من بين يدي العنزة. [انظر: 187 - مسلم: 503 - فتح: 1 \ 485] .


ساق فيه حديث عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالا أخذ عنزة فركزها، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حلة حمراء مشمرا، صلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون من بين يدي العنزة.

الكلام عليه من أوجه:

أحدها:

هذا الحديث ذكره في باب: سترة الإمام سترة من خلفه وبعده بقليل في باب الصلاة إلى العنزة، وأخرجه في اللباس أيضا في باب القبة الحمراء من أدم.

[ ص: 356 ] وأخرجه مسلم والأربعة، وسلف أيضا بعضه في باب استعمال فضل وضوء الناس، ويأتي بعضه في باب السترة بمكة وغيرها.

ثانيها:

قوله: (في قبة حمراء): هذا قد جاء مصرحا به أنه كان بالأبطح بمكة، وهو الموضع المعروف، ويقال له: البطحاء. ويقال: إنه إلى منى أقرب، وهو المحصب. وهو خيف بني كنانة، وزعم بعضهم أنه ذو طوى، وليس كذلك كما نبه عليه ابن قرقول.

ثالثها:

(الأدم): بالفتح جمع أديم، وهو الجلد ما كان، وقيل: الأحمر. وقيل: المدبوغ. ذكره في "المحكم"، وقيل: باطن الجلد، قاله في "الجامع".

رابعها:

(الحلة): بضم الحاء، إزار ورداء، سميا بذلك لأن كل واحد يحل على الآخر، ولا يقال: حلة لثوب واحد إلا أن يكون له بطانة، ووقع في [ ص: 357 ] "سنن البيهقي" في الجنائز: تقييدها بالحمرة غالبا.

خامسها:

(الوضوء) هنا بفتح الواو، و(العنزة): سلف بيانها في الطهارة، ومعنى ركزها: أثبتها، وقد أوضحت كل ذلك في "شرح العمدة".

سادسها:

فيه أنه لا بأس بلباس الأحمر، وأنه غير قادح في الزاهد، وهو راد على من زعم كره لباسه، وزعم بعضهم أن لبسها كان لأجل الغزو، وفيه نظر؛ لأنه كان عقب حجة الوداع، ولم يبق له عدو إذ ذاك، وحديث النهي عنه مؤول بما صبغ بالعصفر.

سابعها:

قوله: (يبتدرون): أي: يستبقون إليه تبركا بآثاره الشريفة، وفيه التبرك بآثار الصالحين، واستعمال فضل طهورهم وطعامهم وشرابهم ولباسهم.

ثامنها:

قوله: (مشمرا): أي: رافعا إلى أنصاف ساقيه، ونحو ذلك كما جاء في الرواية الأخرى: كأني أنظر إلى بياض ساقيه. ففيه: رفع الثوب عن الكعبين.

[ ص: 358 ] تاسعها:

صلاته هذه هي الظهر، وجاء أنه صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، ففيه: أن المطلوب قصر الرباعية في السفر، وإن كان قرب بلد.

عاشرها:

قوله: (ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة): يريد أمامها كما جاء في رواية أخرى، وقد جاء في رواية: يمر من ورائها المرأة والحمار، وفي رواية أخرى: يمر بين يديه المرأة والحمار. وأمام ووراء من الأضداد، قال تعالى: وكان وراءهم ملك [الكهف: 79] يريد: أمامهم. واختلف: هل سترة الإمام سترة لمن خلفه، أو هي سترة له خاصة والإمام سترتهم؟ وسيأتي الكلام عليه في محله إن شاء الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية