التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4273 [ ص: 137 ] 1 - قوله: منه آيات محكمات [آل عمران: 7]

وقال مجاهد: الحلال والحرام. وأخر متشابهات [آل عمران: 7]: يصدق بعضه بعضا، كقوله تعالى: وما يضل به إلا الفاسقين [البقرة: 26] وكقوله جل ذكره: ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون [يونس: 100] وكقوله: والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم [محمد: 17] زيغ [آل عمران: 7]: شك ابتغاء الفتنة [آل عمران: 7]: المشتبهات والراسخون في العلم [آل عمران: 7] يعلمون يقولون آمنا به [آل عمران: 7].

4547 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله [آل عمران: 7] إلى قوله أولو الألباب [آل عمران: 7] قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم". [ مسلم: 2665 - فتح: 8 \ 209]


قال مجاهد : الحلال بين والحرام بين. وأخر متشابهات : يصدق بعضه بعضا، كقوله: وما يضل به إلا الفاسقين كقوله: ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون : لا يؤمنون وكقوله: والذين اهتدوا زادهم هدى . هذا أخرجه عبد، وابن المنذر بإسنادهما.

والمحكم: ما اتضحت دلالته، والمتشابه: ما يحتاج إلى نظر وتخريج. وقيل: المحكم: ما لم ينسخ، والمتشابه: ما نسخ. وقيل:

[ ص: 138 ] المحكم: آيات الحلال والحرام، والمتشابه: آيات الصفات والقدر. وقيل: المحكم: ما لم يحتج إلى تأويل. والمتشابه: ما يحتاج كقوله: خلقت بيدي وقيل: المحكم: آيات الأحكام، والمتشابه: الحروف المقطعة. وأبعد من قال: إن القرآن كله محكم؛ لقوله: كتاب أحكمت آياته أو كله متشابه؛ لقوله: متشابها مثاني ولا حجة في ذلك فإن المراد: أحكمت نظما، ويشبه بعضه بعضا، وعن ابن عباس : المحكمات: الثلاث الآيات قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم إلى ثلاث آيات. والتي في بني إسرائيل: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه والمتشابه نحو: المر ، وشبهه.

(ص): ( زيغ : شك) قلت: وهم المبتدعة - وقيل: اليهود- في حمل الحروف المقطعة على الجمل. وقيل: النصارى، ( ابتغاء الفتنة : المشتبهات) أي: طلب افتتان الناس عن دينهم وضلالهم ( الراسخون -يعلمون- يقولون آمنا به ) أي: فإنهم يفسرون المتشابه بما استأثر الله به، على أن الأولى الوقوف عند قوله: والراسخون في العلم . ومنهم من يقف عند قوله: إلا الله ويبتدئ والراسخون ونقل عن الأكثرين، وقال الثوري : الأصح أن الراسخين يعلمونه. وقد اتفق أصحابنا وغيرهم من المحققين على أنه يستحيل أن يتكلم الله بما لا يفيد.

ثم ساق البخاري حديث ابن أبي مليكة ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية هو الذي أنزل عليك الآية قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه

[ ص: 139 ] منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم".


هذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي ، قال الترمذي : قد روى هذا الحديث غير واحد عن ابن أبي مليكة بإسقاط القاسم ، وإنما ذكره يزيد بن إبراهيم عنه فيه. وعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة سمع من عائشة أيضا.

قلت: قد تابعه حماد بن سلمة ، كما أفاده الإسماعيلي، وقد ذكره للاستشهاد على موافقة يزيد، وذكرهما ابن أبي حاتم ، ورواه الطبري من حديث حماد، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه عنها.

وقوله: "أولئك الذين سمى الله" قال ابن عباس : هم الخوارج. وفي الحديث التحذير من مخالطة أهل الزيغ والبدع ومن تتبع المشكلات المشكلة، أما من سأل عما أشكل عليه من هذا للاسترشاد، وتلطف في ذلك فلا بأس عليه، وجوابه واجب، والأولى لا يجاب بل يزجر ويعذر كما فعل عمر بصبيغ بن عسل، فإنه ضربه؛ لأنه بلغه أنه يتبع المتشابه. وقرأ عبد الله : (إن تأويله إلا عند الله) وقرأ أبي بن كعب : (ويقول الراسخون).

التالي السابق


الخدمات العلمية