التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4293 [ ص: 186 ] 17 - باب: قوله: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب [آل عمران: 190]

4569 - حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر قال: أخبرني شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن كريب، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بت عند خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهله ساعة ثم رقد، فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماء، فقال: إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب [آل عمران: 190]، ثم قام فتوضأ واستن، فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم أذن بلال فصلى ركعتين، ثم خرج فصلى الصبح.


ذكر فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: بت عند خالتي ميمونة … وقد سلف في الطهارة وغيرها بفوائده.

وروى الواحدي من حديث سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: أتت قريش اليهود فقالوا: ما جاءكم به موسى من الآيات؟ قالوا: عصاه ويده، وأتوا النصارى فقالوا: كيف كان عيسى فيكم؟ قالوا: يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وروى عبد بن حميد من حديث أبي جناب الكلبي ، عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمر على عائشة رضي الله عنها وعندها ابن عمر - رضي الله عنهما- فذكر حديثا: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذنها في ليلة من لياليها أن يتعبد، قالت: فجلس يقرأ ويبكي حتى أتاه بلال للفجر، فقال:

[ ص: 187 ] يا رسول الله، ما يبكيك؟ قال: "وما يمنعني وقد أنزلت علي الليلة إن في خلق السماوات والأرض الآية، وويل لمن قرأها ثم لم يتفكر فيها".


وقوله في حديث ابن عباس : (فلما كان ثلث الليل الآخر قعد فنظر إلى السماء فقال: إن في خلق السماوات والأرض الآية، ثم قام فتوضأ).

وفي لفظ آخر ذكره بعد: فنام حتى انتصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل. وفي لفظ: (فقام من آخر الليل). ولا تضاد؛ إذ في بعض الروايات الصحيحة أنه توضأ وضوءا بين الوضوئين، ثم أتى فراشه فنام، ثم قام قومة أخرى، ثم توضأ وضوءا هو الوضوء، ثم قال: "اللهم أعظم لي نورا … " الحديث، وهو دال على أنه قام قومتين، وكذا أخرجه الصيدلاني في "جزء أخبار النفل": فلما كان في جوف الليل الأول خرج إلى الحجرة، فقلب وجهه في السماء، ثم عاد إلى مضجعه، فلما كان في ثلث الليل الآخر خرج إلى الحجرة، فقلب وجهه في أفق السماء، ثم عهد إلى قربة … الحديث.

قال جماعة من العلماء: يستحب للمستيقظ من نومه أن يتلو هذه (الآية) اقتداء بالشارع، وقراءته لها؛ لأنه يبتدئ بعظمة ربه ويختمها بذكره أو بذكر الله وما ندب إليه من العبادة، وما وعد على ذلك من الثواب وتوعد على معصيته من العقاب، وأن هذه الآيات جامعة

[ ص: 188 ] لكثير من ذلك. نبه على ذلك ابن التين، وروى أبو نصر الوايلي في "إبانته" من حديث المقبري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران كل ليلة.

وروى الجوزي -بالزاي- عن علي - رضي الله عنه - أنه - عليه السلام - كان إذا قام من الليل تسوك، ثم نظر في السماء، ثم قال: " إن في خلق السماوات والأرض إلى قوله: فقنا عذاب النار ".

وعن بريدة مرفوعا: "أشد آية على الجن في القرآن هذه الآية".

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: "لما أسري بي إلى السماء السابعة إذا وهج ودخان وأصوات، فقلت: يا جبريل، ما هذا؟ قال: (هذا) الشياطين (يحرفون) في أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السماء والأرض، ولولا ذلك لرأوا العجائب".

وعنه أيضا مرفوعا: "بينما رجل مستلق على فراشه إذ رفع رأسه فنظر إلى النجوم فقال: إن لك ربا وخالقا، اللهم اغفر لي، قال: فنظر الله له فغفر له".

التالي السابق


الخدمات العلمية