التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4306 [ ص: 226 ] 9 - باب: قوله: فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء: 41]

المختال والختال واحد، نطمس وجوها [النساء: 47]: نسويها حتى تعود كأقفائهم. طمس الكتاب: محاه سعيرا [النساء: 55]: وقودا.

4582 - حدثنا صدقة، أخبرنا يحيى، عن سفيان، عن سليمان، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله -قال يحيى: بعض الحديث عن عمرو بن مرة- قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - "اقرأ علي". قلت آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: " فإني أحب أن أسمعه من غيري". فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء: 41] قال: "أمسك". فإذا عيناه تذرفان. [5056، 5055، 5050، 5049 - مسلم 800 - فتح: 8 \ 250]


المختال والختال واحد، نطمس وجوها [النساء: 47]: نسويها حتى تعود كأقفائهم. طمس الكتاب: محاه سعيرا [النساء: 55]: وقودا.

المختال أو الختال واحد، المختال ذو الخيلاء، ومعنى (حتى تعود كأقفائهم) أي: نذهب بالأعين والشفاه والأعين والحواجب لنردها أقفاء، وهو قول قتادة ، وقال أبي بن كعب : هو تمثيل والمخاطب به رؤساؤهم ممن آمن -كما قاله ابن عباس - أو أنهم حذروا أن يفعل هذا بهم في الآخرة، وقال محمد بن جرير : لم يكن ذلك؛ لأنه آمن منهم جماعة.

[ ص: 227 ] ثم ساق حديث يحيى، عن سفيان ، عن سليمان، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله -قال يحيى: بعض الحديث عن عمرو بن مرة - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ علي)). قلت: آقرأ عليك وعليك …؟! الحديث، وأخرجه في فضائل القرآن في موضعين، ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

وقوله: (قال يحيى … إلى آخره) يوضحه ما ذكره في فضائل القرآن فإنه لما ساقه عن مسدد ، عن القطان، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم به. قال الأعمش : وبعض الحديث: حدثني عمرو بن مرة ، عن إبراهيم، وعن سفيان ، عن أبيه، عن أبي الضحى ، عن عبد الله .

وقوله: (وعن أبيه) هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري رواه عن أبيه سعيد ، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح ، ولم يدرك أبو الضحى ابن مسعود .

وقد روي عن مسروق ، عن ابن مسعود . رواه مسلم من طريق يحيى عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عمرو ، عن إبراهيم، عن عبد الله .

ولما رواه الترمذي من حديث سفيان ، عن سليمان، عن إبراهيم بن عبيدة قال: هذا أصح من حديث أبي الأحوص ، يعني: المخرج عند مسلم عن الأعمش ، عن إبراهيم، عن علقمة .

[ ص: 228 ] ورواه الأزرق عن سفيان ، عن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله . وطرقه الدارقطني ثم قال: والمحفوظ عن حفص ، عن الأعمش ، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله . وأصحهما الأعمش ، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله ، وقيل: عن شعبة ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن النخعي ، عن عبد الله .

فصل:

فيه فضل ظاهر في قراءة عبد الله على من أنزل عليه، وقراءته عليه تحتمل أن يراد بها علم الناس حاله، أو خشي - عليه السلام - أن يغلبه البكاء عنها، وفيه: استماع القراءة من غيره، وقد يكون أبلغ في التدبر والتفهم من قراءة الإنسان بنفسه.

وقوله: (فإذا عيناه تذرفان) يعني: الدمع، يقال: ذرف الدمع وذرفت العين دمعها، وهو بالذال المعجمة، وروى عبد بن حميد في "تفسيره" أن عبد الله لما قرأ هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد قال - عليه السلام: "من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد".

فصل:

قوله: على هؤلاء هم سائر أمته يشهد عليهم أولهم، فـ على بمعنى اللام، وقيل: أراد به أمته الكفار، وقيل: اليهود والنصارى، وقيل: كفار قريش، ومما يشهد به البلاغ أو بالإيمان أو بالأعمال، أقوال.

[ ص: 229 ] وبكاؤه عند هذه الآية؛ لأنه لا بد من أداء الشهادة، والحكم على المشهود عليه إنما يكون بقول الشاهد، فلما كان - عليه السلام - هو الشاهد وهو الشافع بكى على المفرطين منهم، وقيل: بكى لعلم ما تضمنته هذه الآية من هول المطلع وشدة الأمر؛ إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب، وقيل: بكى فرحا؛ لقبول شهادة أمته، وقبول تزكيتهم له ذلك اليوم.

خاتمة:

في "تفسير أبي الليث السمرقندي" من حديث محمد بن فضالة، عن أبيه: أنه - عليه السلام - أتاهم في بني ظفر، فجلس على الصخرة التي في بني ظفر ومعه ابن مسعود ومعاذ بن جبل وناس من أصحابه، فأمر قارئا يقرأ حتى أتى على هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد بكى حتى اخضلت لحيته.

وقال: يا رب، هؤلاء من أنا بين ظهورهم، فكيف بمن لم أرهم؟


وللثعلبي: فدمعت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "حسبنا" وفي "تفسير الجوزي" وقال: شهيدا عليهم ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم [المائدة: 117].

التالي السابق


الخدمات العلمية