التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4338 4614 - حدثنا أحمد بن أبي رجاء، حدثنا النضر، عن هشام قال: أخبرني أبي، عن عائشة - رضي الله عنها: أن أباها كان لا يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين. قال أبو بكر: لا أرى يمينا أرى غيرها خيرا منها؛ إلا قبلت رخصة الله، وفعلت الذي هو خير. [6621 - فتح: 8 \ 275]


ذكر فيه عن عائشة رضي الله عنها أنزلت هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم [المائدة: 89] في قول الرجل: لا والله، وبلى والله.

هذا الحديث أخرجه أبو داود مرفوعا وصححه ابن حبان ، وشيخ البخاري فيه هو: ابن سلمة -كما في الأصول- اللبقي وكذا صرح به أبو مسعود وغيره، وذكر فيه حديث عائشة أيضا أن أباها كان لا يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين قال أبو بكر : لا أرى يمينا أرى غيرها خيرا منها إلا قبلت رخصة الله وفعلت الذي هو خير.

قلت: وروي عنها أيضا: هو أن يحلف على الشيء ثم يجده على خلاف ما ظن، وهو قول مالك وأبي حنيفة ، والأول قول إسماعيل القاضي وغيره. قال الداودي : وقول عائشة الثاني تفسير للأول.

وليس قوله هذا ببين بل هو اختلاف، وروى ابن المنذر ، عن ابن جريج قال: بلغني أن رجلا من الأنصار -وهو ابن رواحة - كان

[ ص: 298 ] له أيتام وضيف، فأقبل بعد ساعة من الليل، فقال: عشيتم أضيافي؟ قالوا: انتظرناك. قال: فوالله لا آكله الليلة. وقال ضيفه: وما أنا بالذي آكل وقال أيتامه: ونحن كذلك، فلما رأى عبد الله ذلك أكل وأكلوا، ثم غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أطعت الرحمن وعصيت الشيطان".
وروى ابن أبي حاتم ، عن زيد بن أسلم أن ابن رواحة لما فعل ذلك أنزل الله يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم .

في "تفسير الجوزي" لما نزل لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم [المائدة: 87] قالوا: يا رسول الله، كيف نصنع بأيماننا يعني: حلفهم على ما اتفقوا عليه فنزلت الآية، قال ابن عباس : اتفاقهم كان على الصوم نهارا والقيام ليلا. قال مقاتل : وكانوا عشرة حلفوا على ذلك أبو بكر وعمر وعلي والمقداد وعثمان بن مظعون وأبو ذر وسلمان وابن مسعود وعمار وحذيفة وسالم مولى أبي حذيفة وقدامة. زاد أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي: عبد الله بن عمرو بن العاص .

فائدة:

عقدتم : شدده أهل الحجاز وأهل البصرة -أي: وكدتم- واختارها أبو حاتم ، وقرأ أهل الكوفة بالتخفيف، واختاره أبو عبيدة ؛ لأن التشديد في التكرير مرة بعد مرة وقرأ أهل الشام (بما عاقدتم).

[ ص: 299 ] فائدة:

اللغو ما لا يعتد به ولا يحصل على فائدة، وقيل: معناه الإثم أي: لا يؤاخذكم بالإثم بما كفرتم. وقال ابن جبير : هو الرجل يحلف على المعصية. وقال إبراهيم: هو أن ينسى. وقال زيد بن أسلم : هو قول الرجل: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا ونحوه.

قال ابن عباس : هو أن يحرم ما أحل الله له فليس عليه فيه كفارة، وقال طاوس والقاضي إسماعيل : هو أن يحلف وهو غضبان.

وعند الشافعي (…) جمعهما، فالأولى لغو؛ لأنها غير مقصودة، والثانية منعقدة؛ لأنها استدراك مقصود منه. نبه عليه الماوردي .

فائدة:

الكفارة في اليمين مقيدة مرتبة بالنسبة إلى الصوم والإطعام عندنا لكل مسكين مد في جميع الكفارات، وقال أبو حنيفة : إن أطعم من الحنطة فنصف صاع، ومن غيره فصاع. قال علي: يكفي الغداء والعشاء ولا يدفع لكافر خلافا لأبي حنيفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية