التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4348 4624 - حدثني محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني، حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال

[ ص: 313 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "
رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا يجر قصبه، وهو أول من سيب السوائب".
[انظر: 1044 - مسلم: 901 - فتح: 18 \ 283]


وإذ قال الله أي: يقول الله، وإذ هنا صلة)، هو كما قال.

(ص): (المائدة أصلها مفعولة كعيشة راضية وتطليقة بائنة، والمعنى: ميد بها صاحبها من خير يقال: مادني يميدني). هذا قول أبي عبيد أنها مأخوذة من العطاء.

وقال الزجاج : هي مدى من ماد يميد إذا تحرك، وقيل: هي من مادني يميدني إذا أنعشني فكأنها ناعشة، وقيل: من ماد يميد إذا أطعم وهي متقاربة سوى قول الزجاج ، وهي سفرة حمراء عليها سمكة مشوية بلا فلوس ولا شوك وعند رأسها ملح، وعند ذنبها خل، وحولها من جميع البقول إلا الكراث وخمسة أرغفة على واحد زيتون وآخر سمن، وآخر عسل، وآخر قديد، وآخر جبن.

وأغرب مجاهد فقال: ما نزلت وهذا مثل ضرب، وحلف الحسن عليه أن القوم لما سمعوا الشرط استغنوا، وقالوا: لا نريد، والصواب ما سلف.

وقال كعب : نزلت يوم الأحد فلذلك اتخذه النصارى عيدا.

[ ص: 314 ] وقال أبو حاتم : المائدة الطعام بعينه، والعوام يظنونها الأخونة، واحدته خوان.

وقوله: (وتطليقة بائنة) غير ظاهر إلا أن يريد المطلق أبان الطلقة وأعلم بها، وإلا فالظاهر أنها فرقت بين الزوجين فتكون فاعلة على بابها.

(ص): (وقال ابن عباس : متوفيك : مميتك) هذا رواه ابن أبي حاتم من حديث علي بن طلحة عنه. وهذا اللفظ هو في سورة آل عمران ، وفيها فلما توفيتني قال وهب -كما حكاه ابن أبي حاتم : توفاه الله حين رفعه.

ثم ساق عن ابن المسيب قال: البحيرة: التي يمنع درها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس. والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم، لا يحمل عليها شيء. قال: وقال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار".

ما ذكره في البحيرة قال ابن عباس : فهذا إذا نتجت خمسة أبطن، وقال ابن فارس : سبعة أبطن وكان آخرها ذكرا شقوا أذنها وخلوها لا تمنع من مرعى ولا شراب وعمدوا إلى الخامس فنحروه فأكله الرجال خاصة، قيل: والنساء، وإن كانت أنثى استحيوها وتركوها مع ابنها بعد شقهم أذن الأم وتركهم الانتفاع بها للنساء فقط، وإن كان ميتة اشترك فيها الرجال والنساء.

[ ص: 315 ] واختلف في اشتقاقها قيل: من بحر: إذا شق. وقيل: هذا من الاتساع في الشيء.

والسائبة كما ذكره، وهي المخلاة تذهب حيث شاءت، وكان الرجل إذا قدم من سفر أو برأ من مرض قال: ناقتي سائبة فكانت كالبحيرة، وقيل: هو ما ينذره إذا برأ من مرضه […] فلا ولاء عليه.

والوصيلة: الشاة إذا ولدت ثلاثة أبطن أو خمسة أو سبعة، وكان الأخير ذكرا ذبحوه للآلهة، وأكل منه الرجال والنساء، فإن كانت أنثى استحيوها وإن كان ذكرا وأنثى استحيوهما جميعا، وقال: إنها وصلت أخاها ولم يشرب من لبنها إلا الذكور، وتلا ابن عباس رضي الله عنهما: وقالوا ما في بطون هذه الأنعام الآية [الأنعام: 139]. وقيل: إنها إذا ولدت ستة أبطن عدتهن عناقين، وفي السابع عناقا واحدا. حكاه الهروي.

والحامي: البعير إذا ولد ولد ولده، قالوا قضى ما عليه وحمى ظهره، فيترك. وقيل: إذا أدرك من ولده عشرة فحول، قالوا: حمى ظهره، فخلي.

فصل:

وقوله: (" عمرو بن عامر ") إنما هو عمرو بن لحي. واسم لحي ربيعة ابن حارثة بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء، وقيل: لحي بن ربيعة ابن إلياس بن مضر، نبه عليه الدمياطي.

و"قصبه" واحد الأقصاب: الأمعاء.

[ ص: 316 ] فصل:

(ص): والوصيلة: الناقة البكر تبكر أول نتاج الإبل، ثم تثني بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر. والحامي: فحل الإبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شيء وسموه الحامي قد سلف ذلك، وقيل في الغنم خاصة وقد سلف.

ثم قال: (وقال أبو اليمان: أنا شعيب، عن الزهري . قال: سمعت سعيدا قال: يخبره بهذا). قلت: سلف في الفضائل تصريحه لسماعه له من أبي اليمان بقوله: حدثنا أبو اليمان.

(قال: وقال أبو هريرة - رضي الله عنه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم … نحوه).

(ورواه ابن الهادي، عن ابن شهاب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه). قلت: أخرجه الإسماعيلي وأبو نعيم من حديث الليث عن ابن الهادي به.

ثم ساق من حديث يونس، عن الزهري ، عن عروة ، أن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا، ورأيت عمرا يجر قصبه، وهو أول من سيب السوائب". ومعنى يحطم: يكسر.

التالي السابق


الخدمات العلمية