التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4351 [ ص: 327 ] 1 - باب: قوله: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو [الأنعام: 59]

4627 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " مفاتح الغيب خمس: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير [انظر: 1039 - فتح: 8 \ 291]


ذكر فيه حديث سالم ، عن أبيه أنه - عليه السلام - قال: "مفاتيح الغيب خمس … " الحديث سلف في آخر الاستسقاء من حديث عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر مرفوعا، ويأتي في سورة الرعد ولقمان والاعتصام.

ورواه عبد الرزاق في "تفسيره"، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبيه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحوه.

والمفاتح: جمع مفتح وهو المفتاح، وقيل: جمع مفتح، وهو القرن، أي: عنده الوصلة إلى علم الغيب، وكل ما لا يعلم إذا استعلم يقال فيه: افتح علي، وعبارة السدي : خزائن الغيب، ومقاتل : غيب العذاب متى ينزل بكم.

[ ص: 328 ] وعبارة غيرهما: ما غاب عن ابن آدم من خزائن الأرض والرزق والمطر والثواب.

وما أحسن من قال: إنه الشقاوة والسعادة.

وقيل: أي: عنده معرفة المطر يفتحه ليخلقه، وقيل: عواقب الأعمال وخواتم الأعمال.

وقيل: هي ما لم يكن بعد أنه يكون ثم لا يكون، وما يكون كيف يكون.

ولما كانت المفاتح يوصل بها إلى ما في المخازن المستوثق منها بالإغلاق والإقفال، ومن علم مفاتحها وكيف يفتح توصل إلى علم المغيبات كمن عنده مفاتح أقفال المخازن، وهو عالم بفتحها.

ومفاتح الغيب خمس -كما ذكر في الحديث- لا يعلمها إلا الله، وذكر عن الطبري أنه استدل بأحاديث لا يحتج بمثلها في الأحكام أنه بقي من الدنيا من الهجرة نصف يوم من أيام الآخرة، وهو خمسمائة عام، قال: وتقوم الساعة، ويعود الأمر إلى ما كان عليه قبل أن يكون شيء غير الباري ولا يبقى غير وجهه. وهذا عجيب منه، والمشاهدة تدفعه.

وقال الداودي : إنه كفر ظاهر لا يحتمل تأويلا، وجعل يذكر في كتابه ما رواه المتركون ويؤول ظاهر القرآن والسنن الثابتة التي تخالف حكايته، انتهى.

وليس في كلام الطبري نفي البعث، وإنما قال: يبقى الأمر كما كان قبل أن يكون شيء، لعله يريد: ثم يكون البعث والحساب.

[ ص: 329 ] فائدة:

روى الطبري أن الرشيد رأى في منامه ملكا أو نبيا، فسأله عن وقت موته، فأشار بأصابعه الخمس، فعبره بعضهم بالشهور، وبعضهم بالسنين، وبعضهم بالأيام، وفسره أبو يوسف القاضي بما في "الإبانة" وقال: إنه إشارة إليه أن الله عنده علم الساعة … إلى آخرها. فكأنه قال: هذا من العلوم التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، فسري عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية