صفحة جزء
[ ص: 520 ] 16 - ومن سورة النحل

روح القدس جبريل نزل به الروح الأمين [الشعراء: 193] في ضيق يقال أمر ضيق وضيق، مثل هين وهين ولين ولين، وميت وميت. قال ابن عباس: (تتفيأ ظلاله): تتهيأ. سبل ربك ذللا : لا يتوعر عليها مكان سلكته. وقال ابن عباس: في تقلبهم اختلافهم. وقال مجاهد: تميد تكفأ مفرطون منسيون. وقال غيره: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله هذا مقدم ومؤخر وذلك أن الاستعاذة قبل القراءة ومعناها الاعتصام بالله. وقال ابن عباس: تسيمون : ترعون. شاكلته [الإسراء: 84]: ناحيته قصد السبيل البيان. الدفء: ما استدفأت تريحون بالعشي وتسرحون بالغداة بشق يعني المشقة. على تخوف تنقص الأنعام لعبرة وهي تؤنث وتذكر، كذلك النعم الأنعام جماعة النعم أكنانا : واحدها كن، مثل: حمل وأحمال سرابيل قمص تقيكم الحر وأما وسرابيل تقيكم بأسكم فإنها الدروع. دخلا بينكم كل شيء لم يصح فهو دخل. قال ابن عباس وحفدة من ولد الرجل. السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن ما أحل الله، وقال ابن عيينة عن صدقة أنكاثا هي خرقاء، كانت إذا أبرمت غزلها نقضته. وقال ابن مسعود: الأمة معلم الخير. [والقانت المطيع].


هي مكية إلا قوله: وإن عاقبتم [النحل: 126] إلى آخرها. وقيل: إلا ثلاث، نزلن بينما منصرفه من أحد، أو كلها مدنية،

[ ص: 521 ] أو أولها مكي إلى [والذين هاجروا] في الله من بعد ما ظلموا [النحل: 41] وإلى آخرها مدني أقوال.

قال السخاوي : ونزلت بعد الكهف وقبل سورة نوح.

(ص) ( روح القدس : جبريل نزل به الروح الأمين ) أي: فيما استودع من الرسالة إليهم.

(ص) ( في ضيق يقال: أمر ضيق وضيق، مثل هين وهين ولين ولين، وميت وميت).

قلت: قرأ ابن كثير بكسر الضاد. قال الأخفش : وهو لغة في الأمر. قال الفراء : الضيق: ما ضاق عنه صدرك، والضيق ما يكون في الذي يتسع مثل الدار والثوب. أي: لا يضيق صدرك من مكرهم. وقيل: في أمر ضيق، وهو نعت.

(ص) (قال ابن عباس : في تقلبهم : في اختلافهم) أسنده ابن جرير من حديث علي بن أبي طلحة عنه.

(ص) ( مفرطون : منسيون) هو من قول مجاهد أيضا كما أسنده الطبري عنه، أي متروكون في النار، وهو قول سعيد بن جبير . وقال الحسن: أي: يعجلون إليها، ومن كسر الراء فالمراد: يبالغون في الإساءة.

[ ص: 522 ] (ص) (وقال مجاهد : تميد: تكفأ) رواه ابن أبي حاتم من حديث ابن أبي نجيح عنه. قال ابن التين: ضبطه بعضهم بضم التاء وتخفيف الفاء، وبفتح التاء وتشديد الفاء، وهو أشبه، وقيل: تميد: تتحرك.

(ص) ( سبل ربك ذللا : لا يتوعر عليها مكان سلكته) ثم قال: (وقال غيره) ظاهره أنه من قول مجاهد أيضا، وقد أخرجه الطبري عن ابن عباس .

(ص) (وقال غيره فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله [النحل: 98] هذا مقدم ومؤخر وذلك أن الاستعاذة قبل القراءة، ومعناها الاعتصام بالله) قلت: وهذا إجماع، إلا ما روي عن أبي هريرة وداود ومالك أنهم قالوا: بعدها؛ أخذا بظاهر الآية.

(ص) (قال ابن عباس : شاكلته : ناحيته) هذه اللفظة في سبحان بعدها، قال الليث : الشاكلة من الأمور: ما وافق فاعله، والشكل. بالكسر: الدل. وبالفتح: المثل والمذهب، والمرأة الغربة الشكلة. وقال البخاري هناك: شاكلة: ناحية، وهي من شكله.

(ص) ( قصد السبيل : البيان) قلت: قيل: أصل القصد: استقامة الطريق. وقصد السبيل: الإسلام. قال مجاهد : طريق الحق على الله.

(ص) (الدفء ما استدفأت به) أي: من الأكسية والأبنية.

[ ص: 523 ] (ص) ( تريحون بالعشي وتسرحون بالغداة) إلى مراعيها أي: تردونها إلى مراحها، وهو حيث تأوي إليه، وحين تسرحون : ترسلونها بالغداة إلى مراعيها، يقال: سرح القوم إبلهم سرحا. قال قتادة : وأحسن ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها، طوالا أسنمتها.

(ص) ( بشق يعني: المشقة) ومعناه: إلا بجهد الأنفس.

(ص) ( على تخوف أي: تنقص) يقال: هو يتخوف المال. أي: يتنقصه ويأخذ من أطرافه.

(ص) ( الأنعام لعبرة وهي تؤنث وتذكر، وكذلك النعم الأنعام جماعة النعم) يعني: الإبل والبقر والغنم. لعبرة : لدلالة على قدرة الله.

(ص) ( سرابيل قمص تقيكم الحر أي: وواحدها سربال. قال ابن عباس وقتادة : هي القمص من الكتان والقطن والصوف. وسرابيل تقيكم بأسكم : الدروع. أي: تقيكم شدة الطعن والضرب والرمي.

(ص) ( دخلا بينكم كل شيء لم يصح فهو دخل) قلت: وكذا الدغل، وهو الغش والخيانة.

(ص) (قال ابن عباس : وحفدة من ولد الرجل) هذا أسنده ابن أبي حاتم من حديث سعيد بن جبير ومجاهد عنه. وعن مجاهد : ولد الولد. وقال ابن مسعود : الأصهار. وقال مجاهد : الخدم.

وقيل: الأعوان. وقال عكرمة : هو من تبعه من ولده.

[ ص: 524 ] وقال العوفي : هم [بنو] امرأة الرجل ليسوا منه.

(ص) (السكر ما حرم من ثمرتها، والرزق الحسن ما أحل الله) أخرجه الحاكم وصحح إسناده. وقال مقاتل : هذه الآية منسوخة بآية المائدة، لأن تحريم الخمر كان بالمدينة، والنحل مكية، وحكاه النحاس عن جماعة، ثم قال: والحق أنه خبر لا نسخ فيه.

[وهو خبر] عما كانوا يفعلونه، لا إذن ولا نسخ فيه، وأنكر على أبي عبيدة السكر: الطعم.

(ص) (وقال ابن عيينة : عن صدقة أنكاثا هي خرقاء، كانت إذا أبرمت غزلها نقضته) قلت: ابن عيينة حكاه عن صدقة، عن السدي . كذا أخرجه الطبري وابن أبي حاتم . قال مقاتل : وهذه المرأة قرشية اسمها ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، وتلقب جعرانة لحمقها، كانت إذا غزلت الشعر أو الكتان نقضته، فلا هي تركته تنتفع به ولا هي كفت عن العمل. وذكر السهيلي أنها بنت سعد بن زيد مناة بن (تميم) بن مرة. وجزم به ابن التين فقال: هي ريطة بنت سعد كانت تغزل بمغزل كبير، فإذا برمته وأتقنته أمرت جارية فنقضته. وجزم غيره بأنها ريطة بنت عمر بن سعد ، كانت خرقاء تغزل هي

[ ص: 525 ] وجواريها من الغداة إلى نصف النهار ثم تأمرهن فينقضن جميعا ما غزلن، هذا دأبها. وروى ابن مردويه في "تفسيره" عن ابن عباس (من حديث) ابن عباس أنها نزلت في التي كانت تصرع وخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الصبر والدعاء لها، فاختارت الصبر والجنة، قال: وهذه المجنونة، سعيدة الأسدية، وكانت تجمع الشعر والليف.

والأنكاث: ما نقض من الخز والوبر وغيرهما ليغزل ثانية.

(ص) (وقال ابن مسعود : الأمة معلم الخير) هذا أسنده الحاكم من حديث مسروق عنه وقال: صحيح على شرط الشيخين.

(ص) (القانت: المطيع) هو من تتمة كلام ابن مسعود ، وقد أخرجه كذلك ابن مردويه في "تفسيره" وقال مجاهد : كان مؤمنا بالله وحده والناس كلهم كفار.

فائدة:

الأمة لها معان أخر: القرن من الناس، والجماعة، والدين، والحين، والواحد الذي يقوم مقام جماعة وغير ذلك.

(ص) ( أكنانا : واحدها كن، مثل: حمل وأحمال) قلت: وهو كل شيء وقى شيئا وستره.

التالي السابق


الخدمات العلمية