التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4480 [ ص: 50 ] 10 - باب: قوله: ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم [ النور: 18]

4756 - حدثني محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي أنبأنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال:


حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل



قالت لست كذاك. قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله والذي تولى كبره منهم ؟ [ النور: 18] فقالت: وأي عذاب أشد من العمى وقالت: وقد كان يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [ انظر: 4146 - مسلم: 2488 - فتح: 8 \ 485]


وساق فيه من حديث شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق قال: دخل حسان بن ثابت على عائشة فشبب وقال:

حصان. . البيت

قالت: لست كذلك. قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى: والذي تولى كبره منهم ؟ [ النور: 11] فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟! وقالت: كان يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

الشرح:

محمد بن يوسف هو الفريابي ، لا البيكندي الراوي عن ابن عيينة ، وسفيان هو الثوري ، لا ابن عيينة ، وإن كان ابن عيينة روى عن الأعمش ; لتصريح الإسماعيلي في "صحيحه" بأن محمدا هو الفريابي وسفيان هو الثوري في روايته لهذا الحديث في نفس الإسناد، ثم قال: ليس الحديث من ترجمة الباب في شيء، وفي هذه القصيدة التي لحسان أبيات حسان ، منها:

[ ص: 51 ]

حليلة خير الناس دينا ومنصبا نبي الهدى والمكرمات الفواضل     عقيلة حي من لؤي بن غالب
كرام المساعي مجدها غير زائل     مهذبة قد طيب الله ( خيمها )
وطهرها من كل سوء وباطل     فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم
فلا رفعت سوطي إلي أناملي     وكيف وودي ما حييت ونصرتي
لآل رسول الله زين المحافل     فإن الذي قد قيل ليس بلائق
بك الدهر بل قيل امرئ متحامل

و ( حصان رزان ) بفتح أولهما أي: عفيفة كاملة العقل، ذات ثبات ووقار وسكون، و ( تزن ) أي: تتهم، و ( غرثى ): أي جائعة، أي لا تغتاب أحدا ; لأنها لو اغتابتهم شبعت من لحومهم، و ( الغوافل ): العفائف عما يرمين به.

قال أبو العباس : يريد أن عائشة في غاية العفة والنزاهة والورع المانع لها أن تتكلم في عرض غافلة، وشبهها بالغرثى ; لأن بعض الغوافل آذاها، فما تكلمت فيها، فكأنها كانت بحيث تنتصر ممن آذاها بأن تقابلها بما يؤذيها، لكن حجزها عن ذلك عقلها وورعها.

وقوله: ( لكن أنت ) ، وفي رواية: ( لست كذلك )، تعني: لكن أنت لم تصبح غرثان من لحوم الغوافل، وهو دال على أنه خاض فيمن خاض، وقد ذكر أبو داود أنه حد. زاد الطحاوي : ثمانين، وكذا حمنة ومسطح ليكفر الله عنهم بذلك إثم ما صدر منهم حتى لا يبقى عليهم تبعة في الآخرة.

[ ص: 52 ] وأما ابن أبي فإنه لم يحد لئلا ينقص من عذابه شيء، أو تألفا لقومه وإطفاء للفتنة، وقد روى القشيري في "تفسيره" عن ابن عباس أنه حد ثمانين. قال القشيري: مسطح لم يثبت عنه قذف صريح فلم يذكر فيمن حد، كذا قال. وقد سلف خلافه، وأغرب الماوردي فقال: إنه لم يحد أحد من أهل الإفك.

التالي السابق


الخدمات العلمية