التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
409 419 - حدثنا يحيى بن صالح قال: حدثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن أنس بن مالك قال: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة، ثم رقي المنبر، فقال في الصلاة وفي الركوع: " إني لأراكم من ورائي كما أراكم". [742، 6644 - مسلم: 425 - فتح: 1 \ 515] .


ذكر فيه حديث هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هل ترون قبلتي ها هنا؟ فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري".

وحديث أنس: صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة، ثم رقي المنبر، فقال في الصلاة وفي الركوع: "إني لأراكم من ورائي كما أراكم".

الكلام عليهما من أوجه:

أحدها:

هذان الحديثان أخرجهما مسلم أيضا، وذكر البخاري الأول في الخشوع في الصلاة، والثاني في رفع البصر إلى السماء فيها، [ ص: 424 ] والرقاق كما ستعلمه.

ثانيها:

فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإمام إذا رأى أحدا مقصرا في شيء من أمور دينه أو ناقصا للكمال منه نهاه عن فعله وحضه على ما فيه جزيل الحظ، ألا تراه وبخ من نقص كمال الركوع والخشوع، وفي رواية لمسلم: والسجود. ووعظه في ذلك بأنه يراهم، وقد أخذ الله تعالى على المؤمنين ذلك إذا مكنهم في الأرض بقوله الذين إن مكناهم في الأرض [الحج: 41].

ثالثها:

قوله: ("إني لأراكم من وراء ظهري") الظاهر أن هذا من خصائصه، وأنه زيد في قوة بصره حتى يرى من ورائه، وفي "صحيح مسلم": "إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي" ويبعد أن يراد بها العلم، وإن كان قد يعبر بها عنه؛ إذ لا فائدة إذن في التخصيص بوراء الظهر، وقد قيل: إنه كان بين كتفيه عينان مثل سم الخياط، فكان يبصر بهما، ولا تحجبهما الثياب، كما ذكرته في "الخصائص"، ونقلت فيها عن صاحب "الشامل": أن معنى الحديث الحس والتحفظ. وقال مجاهد في قوله تعالى: وتقلبك في الساجدين [الشعراء: 219] قال: كان يرى من خلفه في الصلاة كما يرى بين يديه.

[ ص: 425 ] رابعها:

جاء في رواية: "وإني لأراكم من بعدي" ذكرها في الخشوع في الصلاة، قال الداودي: يحتمل أن يكون بعد وفاته يريد أن أعمال أمته تعرض عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية