التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4563 4844 - حدثنا أحمد بن إسحاق السلمي، حدثنا يعلى، حدثنا عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله. فقال علي: نعم. فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية -يعني الصلح الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركين- ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر فقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟! قال: " بلى". قال: ففيم أعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا. فقال: " يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا". فرجع متغيظا، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولن [ ص: 260 ] يضيعه الله أبدا. فنزلت سورة الفتح. [ انظر:3181 - مسلم:1785 - فتح: 8 \ 587].


ذكر فيه حديث جابر - رضي الله عنه - كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة. وقد سلف، وقيل: وخمسمائة، وقيل: وثلاثمائة كما سلف هناك أيضا.

ثم ذكر عن عقبة بن صهبان، عن عبد الله بن مغفل ، أي: بالغين المعجمة، المزني: فيمن شهد الشجرة، نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخذف.

وعن عقبة بن صهبان، قال: سمعت عبد الله بن مغفل المزني: في البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس.

أما حديث نهيه عن الخذف فسيأتي في الأدب أيضا. قال الليث : الخذف: رميك حصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك أو بين إبهامك والسبابة، وعبارة ابن فارس : خذفت الحصاة إذا رميتها بين إصبعيك.

وأما حديث نهيه عن البول في مستحمه، ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه، قال الترمذي : حديث غريب، واستدركه الحاكم ، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وذكر له شاهدا، وأعله عبد الحق كما بين ابن القطان وهمه فيه.

قلت: وفي سنده أشعث بن عبد الله الحداني، وثقه النسائي وغيره، وأورده العقيلي في "الضعفاء"، وقال: وفي حديثه وهم، ثم ذكر له هذا الحديث.

[ ص: 261 ] وقد روي موقوفا، وادعى بعض الحفاظ أنه أصح وكره جماعات من الصحابة فمن بعدهم البول في المغتسل، منهم ابن مسعود ، حتى قال عمران : من بال في مغتسله لم يطهر، وعن ليث بن أبي سليم ، عن عطاء ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما طهر الله رجلا يبول في مغتسله، ورخص فيه ابن سيرين وغيره.

وروى ابن ماجه ، عن علي بن محمد الطنافسي قال: إنما هذا في الحفيرة، وأما اليوم فمغتسلاتهم بجص وصاروج -يعني: النورة، وأخلاطها- والمقير، فإذا بال وأرسل عليها الماء فلا بأس. وكذا قال الخطابي عن مغتسل يكون جددا صلبا، ولم يكن له مسلك ينفذ فيه البول، ويروى عن عطاء : إذا كان يسيل فلا بأس. وعن ابن المبارك : وقد وسع في البول فيه إذا جرى فيه الماء. وقال به أحمد في رواية واختيرت.

وروى الثوري ، عمن سمع أنس بن مالك يقول: إنما كره مخافة اللمم، وعن أفلح بن حميد قال: رأيت القاسم بن محمد يبول في مغتسله، وأغرب ابن التين فقال: قوله في البول يريد نهيه - عليه السلام - عن البول في الماء الدائم الذي يغتسل فيه.

[ ص: 262 ] وذكر عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه -وكان من أصحاب الشجرة. وهذا سلف هناك أيضا.

ثم ذكر حديث ابن أبي ثابت قال: أتيت أبا وائل أسأله فقال: كنا بصفين، فقال رجل: ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله. فقال علي: نعم. فقال سهل بن حنيف : اتهموا رأيكم.

فذكره في المغازي والجزية والاعتصام، وأخرجه مسلم والنسائي .

و ( يدعون ) -بفتح أوله- كذا الرواية. وكأن هذا الرجل لم يرد التلاوة.

وقول سهل: ( اتهموا رأيكم ). يريد: أن الإنسان قد يرى رأيا، والصواب غيره، والمعنى: لا تعلموا بآرائكم يعني: مضي الناس إلى الصلح بين علي ومعاوية ، وذلك لأن سهلا ظهر له من أصحاب علي كراهة التحكيم.

قوله: ( فلم يصبر حتى جاء أبا بكر ) . قال الداودي : وليس بمحفوظ، إنما كلم أبا بكر ثم كلم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

التالي السابق


الخدمات العلمية