صفحة جزء
4574 [ ص: 296 ] ( 53 ) ومن سورة والنجم

وقال مجاهد: ذو مرة : ذو قوة. قاب قوسين حيث الوتر من القوس. ضيزى : عوجاء. وأكدى : قطع عطاءه رب الشعرى : هو مرزم الجوزاء الذي وفى : وفى ما فرض عليه أزفت الآزفة : اقتربت الساعة سامدون البرطمة. وقال عكرمة: يتغنون بالحميرية. وقال إبراهيم: أفتمارونه أفتجادلونه، ومن قرأ: ( أفتمرونه ) يعني أفتجحدونه ما زاغ البصر بصر محمد - صلى الله عليه وسلم - وما طغى : ولا جاوز ما رأى. فتماروا : كذبوا. وقال الحسن: ( إذا هوى ): غاب. وقال ابن عباس: أغنى وأقنى : أعطى فأرضى.


هي مكية، قال مقاتل : غير آية نزلت في نبهان التمار وهي: الذين يجتنبون كبائر الإثم وقال الكفار: إن محمدا يقول هذا من تلقاء نفسه، فنزلت.

وهي أول سورة أعلنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله، فلما بلغ آخرها سجد، وسجد من بحضرته من الإنس والجن، نزلت بعد الإخلاص وقبل عبس، كما قاله السخاوي .

[ ص: 297 ] والنجم هو الثريا، وقيل: كل نجم. ( إذا هوى ): إذا غرب، وقيل: هو آيات القرآن. وقيل: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل من المعراج. وقال جعفر بن محمد: ( هوى ): انشرح من الأنوار، وانقطع عن غير الله. قال ابن أبي لهب -واسمه لهب، وبه كني أبوه كما ذكره الحاكم وغيره-: إني كفرت برب النجم، فنزلت، فقال - عليه السلام -: "أما تخاف أن يسلط الله كلبا من كلابه عليك"، فسلط عليه الأسد في بعض أسفاره فابتلع هامته.

( ص ) ( وقال مجاهد : ذو مرة : ذو قوة ) أخرجه ابن أبي حاتم من حديث ابن أبي نجيح عنه. وقال قتادة : ذو خلق طويل حسن.

( ص ) ( قاب قوسين : حيث الوتر من القوس ) هو قول مجاهد أيضا، والقاب: القدر، وهو ما بين مقبض القوس وسيته، ولكل قوس قابان، وهو القاب والقيب. وقال مجاهد : القوس: الذراع بلغة أزد شنوءة.

( ص ) ( ضيزى : عوجاء ) أسنده عبد بن حميد ، عن شبابة، عن [ ص: 298 ] ورقاء، عن ابن أبي نجيح عنه، وعن ابن عباس والضحاك وقتادة : جائرة ; حيث جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم. وعن ابن كثير همزها والباقون بعدمه، وأصلها ضيزى بضم الضاد، لأن النحويين مجمعون -إلا من شذ منهم- أنه ليس في كلام العرب فعلى بكسر الفاء نعت، وإنما في كلامهم فعلى بالفتح، وفعلى بالضم، وإنما كسرت الضاد لتصح الياء كقولهم بيض.

( ص ) ( وأكدى : قطع عطاءه ) أي: ومنع الخير. قال مجاهد : هو الوليد بن المغيرة أعطى قليلا ثم قطع. وقال السدي : نزلت في العاصي بن وائل السهمي، وذلك أنه كان ربما يوافق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمور. وقال محمد بن كعب القرظي : نزلت في أبي جهل، وذلك أنه قال: والله ما يأمرنا محمد إلا بمكارم الأخلاق فذلك قوله: وأعطى قليلا وأكدى أي: لم يؤمن به.

( ص ) ( رب الشعرى : هو مرزم الجوزاء ) هو قول مجاهد أيضا، أخرجه بالإسناد السالف، والمرزمان: مرزما الشعريين يريد الهنعة ; لأن الشعرى كوكب يقابلها من جهة القبلة لا يفارقها، وهما نجمان أحدهما في الشعرى والآخر في الذراع، قاله في "الصحاح".

[ ص: 299 ] وعبارة الثعلبي : الشعرى: كوكب خلف الجوزاء يتبعه يقال له: مرزم الجوزاء، وهما شعريان: العبور والغميصاء يقال: إنهما وسهيلا كانت مجتمعة فانحدرت سهيل قصده يمانيا فتبعته الشعرى العبور، فعبر به المجرة، فسميت العبور، وأقامت الغميصاء، فبكت لفقد سهيل حتى غمصت عينها -أي: سال دمعها- فسميت بالغميصاء ; لأنها أخفى من الأخرى، وأراد هنا الشعرى العبور، وكانت خزاعة تعبدها، وأول من سن ذلك رجل من أشرافهم يقال له: أبو كبشة عبد الشعرى العبور، وقال: لأن النجوم تقطع السماء عرضا والشعرى طولا، فلما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خلاف العرب في الدين شبهوه بأبي كبشة ; فسموه ابن أبي كبشة لخلافه إياهم كخلاف أبي كبشة في عبادة الشعرى. وعن قتادة : هو النجم الذي رأسه لا إله إلا الله. وقال مقاتل : كان ناس من خزاعة وغسان وغطفان يعبدونها، ويقال لها: المرزم. ووصفها أبو حنيفة في "أنوائه" فأوضح.

( ص ) ( الذي وفى : ما فرض عليه ) هو قول مجاهد كما أخرجه عبد بالإسناد السالف. وقال قتادة : وفى بالطاعة والرسالة. وفي لفظ: وفى ما فرض عليه. وقيل: بالعشر التي ابتلي بها.

وقيل: بذبح ابنه واختتانه، وقد جعل على نفسه أن لا يقعد على طعام إلا ومعه يتيم أو مسكين. ووفى أبلغ من وفى ; لأن الذي امتحن به - عليه السلام - من أعظم المحن.

[ ص: 300 ] ( ص ) ( أزفت الآزفة : اقتربت الساعة ) هو كما قال.

( ص ) ( سامدون : البرطمة ) قلت: وهو بفتح الباء وسكون الراء: الانتفاخ من الغضب، ورجل مبرطم: متكبر. وقيل: متغضب. وقيل: هو الغناء الذي لا يفهم.

( وقال عكرمة : يتغنون بالحميرية ) هذا والذي قبله أسندهما عبد بن حميد ، الأول عن مجاهد ، والثاني عن عكرمة . ولما روى الأول، عن ليث ، عن مجاهد أنها البرطمة قال: قلت: وما البرطمة؟ قال: الإعراض. وساق عن ابن عباس أنه الغناء، وكانوا إذا سمعوا القرآن لعبوا وتغنوا. وقال عكرمة : وهي بلغة أهل اليمن إذا أراد اليماني أن يقول: تغن قال: اسمد. وقال قتادة سامدون غافلون.

وقال صالح أبو الخليل: لما نزلت هذه الآية ما رئي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا ولا متبسما حتى ذهب، وقيل: الهائم. وقيل: الساكت: وقيل: الحزين الخاشع. وقيل: القائم: وقيل: مجيء الإمام إلى الصلاة.

[ ص: 301 ] ( ص ) ( وقال إبراهيم: أفتمارونه : أفتجادلونه، ومن قرأ أفتمرونه يعني أفتجحدونه )، هذا أخرجه عبد بن حميد ، عن عمرو بن عون ، عن هشيم، عن مغيرة، عنه. وقال الشعبي : كان شريح يقرؤه بالألف، وكان مسروق وابن عباس يقرآنها بحذفها، وهي قراءة حمزة والكسائي ، وقرأ الباقون بالألف فتماروا : كذبوا.

( ص ) ( ما زاغ البصر : بصر محمد - صلى الله عليه وسلم -، وما طغى : ولا جاوز ما رأى ) أي: ما جاوز ما أمره به ولا مال عما قصد.

( ص ) ( وقال الحسن: ( إذا هوى ): غاب ) أخرجه عبد عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عنه. وقال مجاهد : هو الثريا إذا غارب، وقد سلف.

( ص ) ( وقال ابن عباس : أغنى وأقنى : أعطى فأرضى ) أخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن أبي صالح ، عن معاوية ، عن علي، عنه. وقيل: (أقنى) من القنية. وقيل: أخدم. وقيل: ولى . وقيل: يضع. وقيل في أغنى : قنع.

التالي السابق


الخدمات العلمية