التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4603 [ ص: 365 ] 3 - باب: ما أفاء الله على رسوله [ الحشر: 6]

4885 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان -غير مرة- عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر - رضي الله عنه - قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، ينفق على أهله منها نفقة سنته، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عدة في سبيل الله. [ انظر:2904 - مسلم:1757 - فتح: 8 \ 629]


ذكر فيه حديث عمرو -وهو ابن دينار- عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، عن عمر - رضي الله عنه -: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، ينفق على أهله منها نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع، عدة في سبيل الله.

هذا الحديث أخرجه أيضا في الجهاد والمغازي والنفقات والاعتصام والخمس مطولا ومختصرا.

وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ ص: 366 ] ووقع في بعض نسخ مسلم بإسقاط الزهري ، وهو من الرواة عنه، وإلا فقد قال هو: بعده ( عن الزهري ) بهذا الإسناد. وصرح الدارقطني بقول عمرو ، إنما سمعه الزهري .

وقال الجياني: سقط من نسخة ابن ماهان، والحديث محفوظ لعمرو عن الزهري .

والحديث قد يحتج به مالك على أن الفيء لا يقسم وإنما هو ملك موكول إلى اجتهاد الإمام، وكذلك الخمس عنده، وأبو حنيفة يقسمه أثلاثا. والشافعي يخمسه، وادعى ابن المنذر انفراده به، وكان له - عليه السلام - أربعة أخماس وخمس الخمس الباقي، فكان له أحد وعشرون سهما والباقي الأربعة المذكورة في الآية: ما أفاء الله على رسوله الآية. ويتأول قوله هنا: كانت أموال بني النضير. أي: معظمها.

وفيه من الأحكام أيضا:

جواز ادخار قوت سنة لعياله إذا كان من غلته، أما إذا اشتراه فأجازه قوم ومنعه آخرون إذا أضر بالناس كما حكاه القرطبي ، وهو مذهب مالك في الاحتكار مطلقا. وفيه أن ذلك لا يقدح في التوكل، فإن سيد المتوكلين فعله، لكنه - عليه السلام - لم يدخر لنفسه شيئا، وإنما كان يفعل ذلك لأهله ; لحقوقهم ورفع مطالبتهم، ومع ذلك كان أهله يتصدقن كفعله هو بما يفضل له.

[ ص: 367 ] و ( الكراع ): بضم الكاف هو من ذوات الظلف خاصة، ثم كثر ذلك حتى سميت به الخيل، كما نبه عليه ابن دريد في "المجرد" أنه اسم لجميع الخيل إذا قلت: السلاح والكراع، وأطلقه ابن التين.

و ( السلاح ): يذكر ويجوز تأنيثه كما قال في "الصحاح"، وهو ما أعد للحرب من آلة الحرب مما يقاتل به.

وقوله: ( مما لم يوجف ) أي: يسرع، يقال: أوجف الفرس إذا أسرع، وأوجفته: حركته وأتعبته.

التالي السابق


الخدمات العلمية