التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4704 4990 - حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ادع لي زيدا وليجئ باللوح والدواة والكتف " أو "الكتف والدواة" - ثم قال : " اكتب : لا يستوي القاعدون [النساء : 95 ] " وخلف ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أم مكتوم الأعمى قال : يا رسول الله ، فما تأمرني ؟ فإني رجل ضرير البصر . فنزلت مكانها لا يستوي القاعدون من المؤمنين [النساء : 95 ] في سبيل الله : غير أولي الضرر [النساء : 95 ] . [انظر : 2831 - مسلم: 1898 - فتح: 9 \ 22 ]


ذكر فيه قطعة من الحديث قبله عن الزهري أن ابن السباق قال : إن زيد بن ثابت قال : أرسل إلي أبو بكر قال : إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . الحديث .

وحديث البراء قال : لما نزلت لا يستوي القاعدون . وقد سلف في سورة النساء ، قال مالك : نزل جبريل بقوله : غير أولي الضرر قبل أن يجف القلم فألحق بما في القلم ، وذلك مسيرة ألف سنة في هبوطه وعروجه . وفيه : -كما قال أبو بكر بن الطيب - أنه - عليه السلام - سن جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته ، وأن الصديق والفاروق

[ ص: 27 ] وزيد بن ثابت وجماعة الأئمة أصابوا في جمعه وتحصينه وإحرازه ، وجروا في كتابته على سنن الرسول وسنته ، وأنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف وما لم تقم الحجة به .

وفيه -كما قال المهلب - أن السنة للخليفة والإمام أن يتخذ كاتبا يقيد له ما يحتاج إلى النظر فيه من أمور الرعية ، ويعينه على تنفيذ أحكام الشريعة ; لأن الخليفة يلزمه من الفكرة والنظر في أمور من استرعاه الله أمرهم ما يشغله عن الكتاب وشبهه من أنواع المهن ، ألا ترى قول الفاروق : لولا الخلافة لأذنت . يريد أن الخلافة حال شغل بأمور المسلمين عن الأذان وغيره ; لأن هذا فيه من يقوم مقامه وينوب عنه دون الإمامة ، وقد احتج بقوله : لا يستوي القاعدون [النساء : 95 ] إلى آخره

من قال : إن الغنى أفضل من الفقر ، وقال : ألا ترى قوله : فضل الله المجاهدين الآية . إلى قوله : الحسنى [النساء : 95 ] بفضيلة الجهاد وبذل المال في إعلاء كلمة الله درجة لا يبلغها الفقراء أبدا .

وقوله : غير أولي الضرر يدل أن أهل الأعذار لا حرج عليهم فيما لا سبيل لهم إلى فعله من الفرائض اللازمة للأصحاء القادرين .

وفيه حجة لمن قال : لا يجوز تكليف ما لا يطاق ، وهو قول جمهور الفقهاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية