التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4723 5010 - وقال عثمان بن الهيثم : حدثنا عوف ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -قال : وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقص الحديث ، فقال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ، لن يزال معك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " صدقك وهو كذوب ، ذاك شيطان " . [انظر : 2311 - فتح: 9 \ 55 ]


ذكر فيه حديث إبراهيم ، عن عبد الرحمن -وهو ابن يزيد - عن أبي مسعود -واسمه عقبة بن عمرو البدري - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "من قرأ بالآيتين -وفي لفظ : من آخر سورة البقرة - في ليلة كفتاه " . وقد سلف . قال الجياني : وفي نسخة أبي محمد عن أبي أحمد ، عن عبد الرحمن ، عن ابن مسعود -والصواب أبو مسعود مكنى ; لأنه مشهور به - وعنه خرجه مسلم والناس .

[ ص: 69 ] ثم قال البخاري : وقال عثمان بن الهيثم : حدثنا عوف ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان . . الحديث في آية الكرسي .

وقد سلف كذلك في الوكالة ، والفضائل ، وصفة إبليس . وأخرجه النسائي عن إبراهيم بن يعقوب ، عن عثمان ; فكأن البخاري أخذه عنه مذاكرة .

فصل :

الآيتان من قوله : آمن الرسول إلى آخر السورة كما ذكره ابن التين .

وسبب تخصيصهما بما تضمنتا من الثناء على رسول الله وعلى أصحابه لجميل انقيادهم إلى الله وابتهالهم ورجوعهم إليه في جميع أمورهم ، ولما حصل فيهما من إجابة دعائهم .

فصل :

وفي قوله ("كفتاه" ) أقوال : أظهرها : من قيام ليلة ، وقد جاء مصرحا به في رواية علقمة عن أبي مسعود البدري أنه قال : من قرأ خاتمة سورة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة . قال : وأعطي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش .

[ ص: 70 ] أخرجه ابن الضريس ، عن موسى بن إسماعيل ، عن حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن علقمة به .

وقريب منه : "أقل ما يكفي من قيام الليل آيتان " يريد مع أم القرآن . وقال ابن شبرمة في البخاري بعد هذا : نظرت كم يكفي الرجل من القرآن فلم أجد سورة أقل من ثلاث آيات ، فقلت : لا ينبغي لأحد أن يقرأ أقل من ثلاث آيات .

وفيه : قول ثان : تكفيه مما يكون من الآفات تلك الليلة .

وثالث : من الشيطان وشره .

ورابع : من خوفه إن كان له خوف من القرآن . وقيل : حسبه بهما أجرا وفضلا .

فصل :

في "مستدرك الحاكم " من حديث النعمان بن بشير مرفوعا : "إن الله -عز وجل - كتب كتابا قبل خلق السموات والأرض بألفي عام ، وأنزل به آيتين ختم بهما سورة البقرة ; لا يقرآن في دار فيقربها الشيطان ثلاث ليال " . ثم قال : على شرط مسلم .

ومن حديث عقبة بن عامر مرفوعا : "اقرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة ، فإني أعطيتهما من تحت العرش " ، ثم قال : صحيح على شرط مسلم .

[ ص: 71 ] وعن أبي ذر رضي الله عنه بنحوه على شرط البخاري .

ومن حديث معاذ لما مسك الجني الذي سرق تمرة مرة بعد أخرى فقال له في الثانية : إني لا أعود ، وآية ذلك أنه لا يقرأ أحد منكم خاتمة سورة البقرة فيدخل أحد منا في بيته تلك الليلة . ثم قال : صحيح الإسناد .

فصل :

في "مستدرك الحاكم " -وقال : صحيح الإسناد - من حديث أبي هريرة مرفوعا : "سيدة آي القرآن آية الكرسي " .

وفي "جامع الترمذي " -وقال : غريب - عنه مرفوعا : "لكل شيء سنام ، وإن سنام القرآن سورة البقرة فيها آية الكرسي " .

وأصله في "صحيح ابن حبان " زاد ابن عيينة في "جامعه " من حديث أبي صالح عنه : "فيها آية الكرسي وهي سنام آي القرآن ، ولا تقرأ في دار فيها شيطان إلا خرج منها " .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما خلق الله في سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي .

زاد أبو ذر الهروي في "فضائل القرآن " مرفوعا : "أعظم آية في القرآن الله لا إله إلا هو " .

[ ص: 72 ] وللحاكم : "إن لكل شيء سناما وسنام القرآن البقرة " . وصحح إسناده ، قال : وقد روي موقوفا .

قلت : وأخرجه ابن الضريس بإسناد فيه مجهول ، عن أبي ذر قلت : يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم ؟ قال : "آية الكرسي " والنسائي في "عمل اليوم والليلة " من حديث أبي بن كعب بنحو حديث أبي هريرة .

وقال الضياء : وقد ذكر نحوه عن معاذ بن جبل وأبي أسيد وزيد بن ثابت ، وفي "الدلائل للبيهقي " عن بريدة بن الحصيب نحوه ، وقال : هذا غير قصة معاذ ; فيحتمل أن يكونا محفوظين ، ويذكر عن أبي أيوب الأنصاري أنه وقع له ذلك .

وأخرجه ابن أبي شيبة عنه مرفوعا : "والذي نفسي بيده إن لهذه الآية -يعني : آية الكرسي - لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش "

وروى أبو الشيخ من حديث سلمة بن وردان -المضعف - عن أنس مرفوعا : "آية الكرسي ربع القرآن العظيم " .

[ ص: 73 ] فصل :

إذا كان من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه ، ومن قرأ آية الكرسي كان عليه من الله حافظ ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح ، فما ظنك بمن قرأها كلها ، من كفاية الله تعالى له وحرزه وحمايته من الشيطان وغيره ، وعظم ما يدخر له من ثوابها ; وقد روي هذا المعنى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وروى معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "تعلموا القرآن ، فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة ، تعلموا البقرة وآل عمران ، تعلموا الزهراوين فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان ، -أو غيايتان . أو كأنهما فرقان من طير صواف - تحاجان عن صاحبهما ، وتعلموا البقرة فإن تعلمها بركة ، وإن في تركها حسرة ، ولا تطيقها البطلة " ، وقال ابن مسعود : إن الشيطان يخرج من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة . والمراد : يأتيان كأنهما غمامتان : ثوابهما ، والغمامتان السحابتان ، والغيايتان : المزانتان ، وهو شك من الراوي .

فصل :

في حديث أبي هريرة أن الجن تبدى في صورة رجل ، وأنهم يطعمون مما يأكل الناس ويحفظون القرآن ، وأنه ربما انتفع الموعوظ دون الواعظ ، وأن الكذوب ربما صدق ولعل ذلك شيطان قرأ آية الكرسي فنجاه الله بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية