التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4738 5026 - حدثنا علي بن إبراهيم ، حدثنا روح ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، سمعت ذكوان ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : " لا حسد إلا في اثنتين : رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، فسمعه جار له فقال : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق ، فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل " . [7528 ، 7232 - فتح: 9 \ 73 ]


ذكر فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما : "لا حسد إلا على اثنتين : رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل ، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار " .

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه : "لا حسد إلا في اثنتين : رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار ، فسمعه جار له فقال : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل . ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق ، فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل " .

هذا الحديث سلف في أول الكتاب في العلم ، في باب : الاغتباط في العلم والحكمة في حديث ابن مسعود ، وكذا في الزكاة .

[ ص: 120 ] وشيخ البخاري في حديث أبي هريرة علي بن إبراهيم ; فقيل : الواسطي . وقيل : ابن إشكاب . قال أبو علي : كذا في روايتنا عن ابن السكن وأبي أحمد وأبي زيد ، حدثنا علي بن إبراهيم ، ثنا روح ; فقيل : إنه علي بن إبراهيم بن عبد الحميد الواسطي . وقال أبو أحمد الجرجاني : يشبه أن يكون علي بن الحسين بن إبراهيم بن إشكاب . وقال الدارقطني : علي بن عبد الله بن إبراهيم شيخ البخاري عن حجاج لم يذكر غيره . فأشار صاحب "الزهرة في أسماء مشاهير المحدثين " إلى نحو هذا ، وقال : روى عنه البخاري أربعة أحاديث .

وقد سلف أن معنى : "لا حسد " : لا غبطة ، وهي تمني أن يكون له مثله دون زوال عنه . قال ثعلب : أي : لا حسد لا يضر إلا في كذا . وهو ظاهر ترجمة البخاري . و"آناء الليل " ساعاته واحدها إني ، وظاهر الحديث الأول أنه يقوم به في الصلاة بخلاف قوله في الثاني : "يتلوه " فإنه محتمل .

وفيه : أن النية إذا حصلت تقوم مقام العمل ، فنية المؤمن من عمله . وهنا هي مثله ; لأن العمل لا بد أن يكون فيه للنفس حظ ، والنية تعرى عن ذلك .

فصل :

وروى أبو عبيد بإسناده إلى عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : من جمع القرآن فقد حمل أمرا عظيما ، وقد استدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه ، فلا ينبغي لصاحب القرآن أن يرفث فيمن يرفث ، ولا يجهل

[ ص: 121 ] فيمن يجهل وفي جوفه كلام الله . وقال سفيان بن عيينة : من أعطي القرآن فمد عينيه إلى شيء مما صغر القرآن فقد خالف القرآن ، ألم تسمع قوله تعالى ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم [الحجر : 87 ] لأنه يعني القرآن . وقوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع إلى قوله : ومما رزقناهم ينفقون [السجدة : 16 ] قال : هو القرآن . قال أبو عبيد : ومن ذلك قوله - عليه السلام - : "ما أنفق عبد من نفقة أفضل من نفقة في قول " . ومنه قول شريح لرجل سمعه يتكلم فقال له : أمسك نفقتك .

فصل :

في حديث ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أن حامل القرآن ينبغي له القيام به آناء الليل وآناء النهار ، ومن فعل ذلك فهو الذي يحسد على فعله فيه ، وكذلك من آتاه الله مالا وتصدق به آناء الليل والنهار فهو المحسود عليه ، ومن لم يتصدق به وشح عليه فلا ينبغي حسده عليه ; لما يخشى من سوء عاقبته وحسابه عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية