التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4763 [ ص: 160 ] 33 - باب: قول المقرئ للقارئ حسبك .

5050 - حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اقرأ علي " . قلت : يا رسول الله ، اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ! قال : " نعم " . فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء : 41 ] قال : " حسبك الآن " . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان . [انظر : 4582 - مسلم: 800 - فتح: 9 \ 94 ]


ساق فيه الحديث المذكور بزيادة : فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا أتيت إلى هذه الآية : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [النساء : 41 ] قال : "حسبك الآن " . فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان .

وقد سلف في تفسير سورة النساء : ، ويأتي قريبا ، ومعنى استماعه القرآن من غيره ; ليكون عرض القرآن سنة ، ويحتمل لأجل التدبر والتفهم ، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من نفس القارئ ; لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها ، وأما قراءته - عليه السلام - على أبي كما سلف ليمتاز بذلك وليأخذه أبي من فيه فلا يخالجه شك في اختلاف القراءة من الشارع بعده ، وذلك إنما خاف عليه الفتنة في هذا الباب ; لأنه لا يجوز أن يكون أحد أقرأ للقرآن من الشارع ، ولا أدعى له وأعلم منه ; لأنه نزل به الروح الأمين عليه ، قاله الخطابي .

[ ص: 161 ] وقال أبو بكر بن الطيب نحوه ; قال : قرأ الشارع على أبي وهو أعلم منه وأحفظ ليأخذ على نمط قراءته وسنته ويحتذي حذوه ، وقد روي هذا التأويل عن أبي وابنه .

وفي قوله : (حسبك ) جواز قطع القراءة على القارئ إذا حدث على المقرئ عذر أو شغل ; لأن القراءة على نشاط المقرئ أحرى لتدبر معاني القرآن وتفهم عجائبه ، ويحتمل أن يكون أمره بقطع القراءة تنبيها له على الموعظة والاعتبار في قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد الآية . ألا ترى أنه - عليه السلام - بكى عندها ، وبكاؤه إشارة منه إلى معنى الموعظة ; لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به ، وسؤال الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله ، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن .

التالي السابق


الخدمات العلمية