التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4769 5056 - حدثنا قيس بن حفص ، حدثنا عبد الواحد ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة السلماني عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اقرأ علي " . قلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ! قال : " إني أحب أن أسمعه من غيري " . [انظر : 4582 - مسلم: 800 - فتح: 9 \ 98 ] .


ذكر فيه حديث عبد الله - رضي الله عنه - : "اقرأ علي " . السالف . ورواه من حديث سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة ، عن عبد الله .

قال الأعمش : وبعض الحديث حدثني عمرو بن مرة ، عن إبراهيم . أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله .

سفيان هذا هو ابن سعيد بن مسروق الثوري
.

وقوله : (وعن أبيه ) أي : والد سفيان ، وهو سعيد .

وأبو الضحى سلف غير مرة أنه مسلم بن صبيح ، ولم يدرك أبو الضحى

[ ص: 169 ] ابن مسعود ، وقد روى عن مسروق ، عن ابن مسعود .

ثم ساقه عن قيس بن حفص ، ثنا عبد الواحد ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبيدة السلماني ، عن ابن مسعود ، فذكره ، وقيس هذا هو ابن حفص بن القعقاع أبو محمد البصري الدارمي مولاهم ، من أفراده عن الخمسة ، وليس في شيوخ الستة من اسمه قيس غيره ، فهو من الأفراد .

قال البخاري : مات سنة تسع وعشرين ومائتين أو نحوها . وقال غيره : سنة سبع .

ولا شك في حسن البكاء عند قراءة القرآن ، وقد فعله الشارع وكبار الصحابة ، وإنما بكى الشارع -والله أعلم - عند هذه الآية ; لأنه مثل لنفسه أهوال يوم القيامة وشدة الحال الداعية إلى شهادته لأمته بتصديقه والإيمان به ، وسؤال الشفاعة لهم ليريحهم من طول الموقف وأهواله ، وهذا أمر يحق له طول البكاء والحزن كما سلف ، ذكره أبو عبيد ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن أبيه ، قال : انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو يصلي ، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء .

وعن الأعمش ، عن أبي صالح قال : لما قدم أهل اليمن في زمن أبي بكر - رضي الله عنه - سمعوا القرآن فجعلوا يبكون ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : هكذا كنا ثم قست القلوب .

[ ص: 170 ] وقال الحسن: قرأ عمر : إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع [الطور : 7 - 8 ] فربا ربوة عيد منها عشرين يوما .

وقال عبيد بن عمير : صلى بنا عمر صلاة الفجر فقرأ سورة يوسف ، حتى إذا بلغ : وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم [يوسف : 84 ] بكى حتى انقطع فركع .

وفي حديث آخر : لما قرأ : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله [يوسف : 86 ] بكى حتى سمع نشيجه من وراء الصفوف .

وعن ابن المبارك ، عن مسعر ، عن عبد الأعلى التيمي قال : من أوتي من العلم ما لا يبكيه فليس بخليق أن يكون (علما ينفعه ) ; لأن الله نعت العلماء فقال : إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا [الإسراء : 107 ] .

وقرأ عبد الرحمن بن أبي ليلى سورة مريم ، فلما أتى إلى قوله : خروا سجدا وبكيا [مريم : 58 ] فسجد بها ، فلما رفع رأسه قال : هذه السجدة فأين البكاء ؟

فصل :

وكره السلف الصعق والغشي عند قراءة القرآن ، ذكر أبو عبيد بإسناده عن أبي حازم قال : مر ابن عمر برجل من أهل العراق ساقط والناس حوله ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : إذا قرئ عليه القرآن أو سمع تذكر وخر من خشية الله . فقال ابن عمر : والله إنا لنخشى الله وما نسقط .

[ ص: 171 ] وعن عكرمة قال : سئلت أسماء : هل كان أحد من السلف يغشى عليه من القراءة ؟

فقالت : لا ، ولكنهم كانوا يبكون . وقال هشام بن حسان : سئلت عائشة - رضي الله عنها - عمن صعق عند قراءة القرآن ، فقالت : القرآن أكرم من أن تنزف عنه عقول الرجال ، ولكنه كما قال الله تعالى : تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم الآية [الزمر : 23 ] .

وسئل ابن سيرين عن ذلك فقال : ميعاد بيننا وبينه أن يجلس بحائط ثم يقرأ عليه القرآن كله ، فإن وقع فهو كما قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية