التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4817 [ ص: 319 ] 25 - وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن [النساء : 23 ]

وقال ابن عباس : الدخول والمسيس واللماس هو الجماع . ومن قال : بنات ولدها (هن بناتها ) في التحريم ; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم حبيبة : " لا تعرضن علي بناتكن " . وكذلك حلائل ولد الأبناء هن حلائل الأبناء ، وهل تسمى الربيبة . وإن لم تكن في حجره ؟ ودفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ربيبة له إلى من يكفلها ، وسمى النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن ابنته ابنا .

5106 - حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن زينب ، عن أم حبيبة قالت : قلت يا رسول الله ، هل لك في بنت أبي سفيان ؟ قال : " فأفعل ماذا ؟ " . قلت : تنكح . قال : " أتحبين ؟ " . قلت : لست لك بمخلية ، وأحب من شركني فيك أختي . قال : " إنها لا تحل لي " . قلت : بلغني أنك تخطب . قال : " ابنة أم سلمة " . قلت : نعم . قال : " لو لم تكن ربيبتي ما حلت لي ، أرضعتني وأباها ثويبة ، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن " . وقال الليث : حدثنا هشام : درة بنت أبي سلمة . [انظر : 5101 - مسلم: 1449 - فتح: 9 \ 158 ] .


ثم ساق حديث أم حبيبة قلت : يا رسول الله ، هل لك في ابنة أبي سفيان . . الحديث السالف .

وفيه قال : "بنت أم سلمة " .

وفي آخره : وقال الليث : ثنا هشام : درة بنت أبي سلمة .

[ ص: 320 ] وقد اختلف العلماء في معنى الدخول بالأمهات ، وقد أسلفناه في الباب الذي قبل ، وأن ابن عباس قال : إنه الجماع .

قال ابن بطال : ولم يقل بهذا أحد من الفقهاء ، واتفق الفقهاء أنه إذا لمسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها .

قلت : لا ، فالخلاف فيه للشافعي ، والأظهر من مذهبه أنه لا يحرم به .

ثم اختلفوا في النظر ، فقال مالك : إذا نظر إلى شعرها أو صدرها أو شيء من محاسنها بلذة حرمت عليه أمها وابنتها .

وقال الكوفيون : إذا نظر إلى (فرجها ) للشهوة ، كان بمنزلة اللمس للشهوة . وقال ابن أبي ليلى : لا يجوز بالنظر حتى يلمس ، قال : وهو قول الشافعي .

قلت : قد أسلفنا أنه خلاف الأظهر في مذهبه ، وقد روي التحريم بالنظر عن مسروق ، والتحريم باللمس عن النخعي والقاسم ومجاهد ، وأجمع الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم وإن لم تكن الربيبة في حجره .

وشذ أهل الظاهر عن جماعة الفقهاء ، وقالوا : لا تحرم عليه الربيبة إلا أن تكون في حجره ، واحتجوا بظاهر الآية ، قالوا : فتحريمها بشرطين

[ ص: 321 ] أن تكون في حجره ، وأن تكون أمها دخل بها ، فإذا عدم أحدهما لم يوجد التحريم ; لأن الزوج إنما جعل محرما لها من أجل ما يلحق من المشقة في استتارها عنه ، وهذا المعنى لا يوجد إلا إذا كانت في حجره .

واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لو لم تكن ربيبتي في حجري " فشرط الحجر . ورووا عن علي إجازة ذلك ، أخرجه صالح بن أحمد عن أبيه ، وأخرجه أبو عبيد أيضا .

لكن قال ابن المنذر والطحاوي : إنه غير ثابت عنه ، فيه إبراهيم بن عبيد بن رفاعة لا يعرف ، وأكثر أهل العلم تلقوه بالدفع والخلاف ، واحتجوا في دفعه بقوله : "فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن " فدل ذلك على انتفائه ، ووهاه أبو عبيد أيضا وإن تابعه إبراهيم بن ميسرة ، كما أخرجه عبد الرزاق .

ويدفعه قوله : "لا تعرضن علي بناتكن " فعمهن ولم يقل : اللاتي في حجري ، ولكنه سوى بينهن في التحريم ، لكن دعوى ابن المنذر والطحاوي عدم معرفة إبراهيم بن عبيد غريب ، فقد روى عنه جماعة من أهل العلم : ابن إسحاق ، وابن أبي ذئب وغيرهما ، ووثقه أبو زرعة وابن حبان ، وأخرج له مسلم ، وصحح الحاكم حديثه في "مستدركه " .

وأحسن من ذلك ذكره في الصحابة أبو موسى المديني ، وقال : ذكره فيهم عبدان .

[ ص: 322 ] وإبراهيم بن ميسرة ثقة ، خرجوا حديثه ، وكان ثقة مأمونا فقيها ، وثقه أحمد ويحيى وغيرهما .

والجواب عن الآية أن هذا القيد جرى على الغالب فلا مفهوم له ، كما في قوله : إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن [الأحزاب : 50 ] . وكما في وطء الأم بملك اليمين يحرم عليه ابنتها وإن لم تكن في حجره .

فصل :

روى أبو قرة في "سننه " من حديث المثنى بن الصباح ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : "أيما رجل نكح امرأة فدخل بها ، فلا يحل له نكاح ابنتها " والمثنى واه . وفي رواية عن أبيه بمثله وزيادة : "وإن لم يدخل بها فلينكحها " .

وروى ابن جريج : أخبرت عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن ابن أم الحكم قال : قال رجل : يا رسول الله ، إني زنيت بامرأة في الجاهلية ، أفأنكح ابنتها ، قال : "لا أرى ذلك يصلح لك أن تنكح امرأة تطلع من ابنتها على ما تطلع عليه منها " وهو منقطع في موضعين .

[ ص: 323 ] فائدة : أبو سفيان اسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس أخو هاشم والمطلب ونوفل أولاد عبد مناف بن قصي .

أمه صفية بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة ، عمة ميمونة ، ولبابة أم الفضل ، ولبابة الصغرى ، وأم حفيد بنات الحارث بن حزن فولد أبو سفيان : حنظلة قتل يوم بدر كافرا ، ولا عقب له ، وأم حبيبة أم المؤمنين .

وأم حبيب أميمة ولدت أبا سفيان بن حويطب ، ثم خلف عليها صفوان بن أمية ، فولدت له عبد الرحمن .

وأمهم جميعا صفية بنت أبي العاصي بن أمية عمة عثمان ومروان ومعاوية وعتبة .

وجويرية تزوج بها السائب بن أبي حبيش بن المطلب ، ثم خلف عليها عبد الرحمن بن الحارث بن أمية الأصغر .

وأم الحكم ولدت عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان الثقفي المالكي الذي يقال له : عبد الرحمن ابن أم الحكم ، وأمهم جميعا هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس .

ويزيد وأمه زينب بنت نوفل بن خلف بن فوالة بن جذيمة بن علقمة بن فراس بن كنانة .

ومحمدا وعنبسة وأمهما عاتكة بنت أبي أزيهر الدوسي ، وعمرا ، أسر يوم بدر وعمر .

وصخرة ، تزوجها سعيد بن الأخنس الثقفي ، فولدت له هندا ، تزوجها الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فولدت له عبد الله .

[ ص: 324 ] وأمهم جميعا صفية بنت أبي عمرو بن أمية .

وميمونة تزوجها (عروة ) بن مسعود بن معتب الثقفي ، فولدت له ، ثم خلف عليها المغيرة بن شعبة ، وأمها لبابة بنت أبي العاصي بن أمية .

ورملة تزوجها سعيد بن عثمان بن عفان ، فولدت له محمدا ، ثم خلف عليها عمرو بن سعيد بن العاصي ، فقتل عنها ، وأمها أمامة بنت أبي سفيان من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة .

التالي السابق


الخدمات العلمية