التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4823 [ ص: 346 ] 29 - باب: هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد

5113 - حدثنا محمد بن سلام ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا هشام ، عن أبيه قال كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت عائشة : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل . فلما نزلت : ترجي من تشاء منهن [الأحزاب : 51 ] قلت : يا رسول الله ، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .

رواه أبو سعيد المؤدب ، ومحمد بن بشر ، وعبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة . يزيد بعضهم على بعض [انظر : 4788 - مسلم: 1464 - فتح: 9 \ 164 ] .


ذكر فيه حديث ابن فضيل ، عن هشام ، عن أبيه قال : كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت عائشة : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل . فلما نزلت : ترجي من تشاء منهن [الأحزاب : 51 ] قلت : يا رسول الله ، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .

رواه أبو سعيد المؤدب ، ومحمد بن بشر ، وعبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة . يزيد بعضهم على بعض .

هذا الحديث تقدم في سورة الأحزاب من حديث أبي أسامة ، عن هشام ، عن أبيه ، وأبو سعيد هذا هو محمد بن مسلم بن أبي الوضاح ، المثنى الجزري ، روى عنه : أبو النضر هاشم ، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي ، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وجماعة ، انفرد به مسلم عن البخاري ، وروى له أيضا الترمذي ، وكان مؤدب موسى الهادي ، ومات ببغداد في خلافته ، وكانت من المحرم سنة تسع وستين إلى ربيع الأول .

قال ابن سعد : كان من قضاعة من أنفسهم ، فلما كان أبو جعفر

[ ص: 347 ] المنصور
بالجزيرة ضم أبا سعيد إلى المهدي ، والمهدي يومئذ ابن عشر سنين أو نحوها ، وقدم معه بغداد ، وضم أبو جعفر المنصور إلى المهدي سفيان بن حسين ، فضم المهدي أبا سعيد المؤدب إلى علي بن المهدي ، ولم يزل معه إلى أن مات في خلافة موسى الهادي بن المهدي ، قال ابن معين : ثقة . وقال أبو داود : جزري ثقة ، معلم (موسى ) .

وقال يعقوب بن سفيان : كان مؤدب (موسى ) قبل أن يستخلف ، وهو ثقة . وقال ابن نمير : صالح ، لا بأس به . وقيل : دفن أبو سعيد في مقابر الخيزران .

فصل :

روي عنها أنها قالت هذا -يعني : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك ، إلى آخره - لما نزلت وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي [الأحزاب : 50 ] وقد سلف أيضا قال ابن القاسم ، عن مالك : الموهوبة خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحل لأحد بعده أن يتزوج بغير صداق ، وقوله تعالى : خالصة لك من دون المؤمنين [الأحزاب : 50 ] ولا خلاف فيه بين العلماء .

واختلفوا في عقد النكاح هل يصح بلفظ الهبة ، مثل أن يقال : وهبت لك ابنتي ووليتي ، ويسمي صداقا أو لم يسم . وهو يريد بذلك النكاح ،

[ ص: 348 ] فقال ابن القاسم : هو عندي جائز كالبيع عند مالك لأن من قال : أهب لك كذا على أن تعطيني كذا ، فهو بيع .

وقال ابن المواز : لم يختلف قول مالك وأصحابه إذا تزوج على الهبة أنه يفسخ قبل البناء . واختلفوا إذا دخل بها ، فقال ابن القاسم وعبد الملك : لا يفسخ ، ولها صداق المثل . وبهذا قال أبو حنيفة والثوري ، وقال أشهب وابن عبد الحكم وابن وهب وأصبغ : إنه يفسخ ، وإن دخل بها . قال أصبغ : لأن فساده في البضع .

وبهذا قال الشافعي قال : لا يصح النكاح بلفظ الهبة ، ولا يصح عنده إلا بأحد لفظين : التزويج أو الإنكاح .

وهو قول المغيرة وابن دينار وأبي ثور ، ووجهه أن الله تعالى جعل انعقاد النكاح بها خاصا لنبيه ، فلو انعقد نكاح به لم يقع الخصوص .

ولما أجمعوا أنه لا ينعقد هبة بلفظ نكاح ، كذلك لا ينعقد نكاح بلفظ هبة ، وأيضا فإن الهبة لا تتضمن العوض ، فوجب ألا ينعقد به النكاح كالإحلال والإباحة . واحتج من أجازه بأن الواهبة إنما قصدت بلفظ الهبة التزويج برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يقل - صلى الله عليه وسلم - أن النكاح بهذا اللفظ لا ينعقد ، ودعوى الخصوص فهي أنها بلا مهر فقط .

[ ص: 349 ] والفرق فيما قاسوا عليه أن النكاح لا يفهم منه الهبة والتمليك بخلافها ، وقولهم أن الهبة لا تتضمن العوض فيبطل بزوجتكها على أن لا مهر ، فإنه ينعقد عندهم ، ولفظ الهبة إذا قصد بها النكاح يتضمن العوض لقوله : خالصة لك من دون المؤمنين وكذا الإحلال والإباحة إذا قصد به النكاح صح ، وضمن العوض عندنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية