التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4855 [ ص: 473 ] 51 - باب: المهر بالعروض وخاتم من حديد

5150 - حدثنا يحيى ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل : " تزوج ولو بخاتم من حديد " . [انظر : 2310 - مسلم: 1425 - فتح: 9 \ 216 ] .


ثم ذكر حديث سهل أنه - عليه السلام -قال لرجل : "تزوج ولو بخاتم من حديد " .

وقد اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث ، فذهب قوم إلى أن النكاح على سور من القرآن مسماة جائز ، وقالوا : معنى ذلك أن يعلمها تلك السور ، وهذا قول الشافعي .

وقال آخرون : لا يكون تعليم القرآن مهرا ، هذا قول مالك والليث وأبي حنيفة وأصحابه والمزني ، إلا أن أبا حنيفة قال : إذا تزوج على ذلك فالنكاح جائز ، وهو في حكم من لم يسم لها مهرا ، فلها مهر مثلها إن دخل بها ، وإن لم يدخل بها فلها المتعة .

حجة الشافعي حديث الباب قبله دال على جواز كون تعليم القرآن أو سورة منه صداقا ، وكما يجوز أخذ الأجرة عليه .

وأما الطحاوي فإنه أجاب بالخصوصية ولا يسلم له ، وسبقه إليه الليث .

وفيه حديث وتبعه إليه الليث ، وفيه حديث في تفسير سعيد بن منصور ، وهو مرسل وضعيف . وحديث عند أبي الشيخ من حديث

[ ص: 474 ] جابر وابن عباس . وفيه العزرمي ، وكذا دعوى أنه زوجها منه عليه بحرمته لا على أنه مهر ، كما زوج أبا طلحة أم سليم على إسلامه . أي : لإسلامه .

وأول بعضهم قوله : "ولو خاتما من حديد " على تعجيل شيء يقدمه من الصداق ، وإن كان قليلا ، كقوله : "بعها ولو بضفير " يؤيده عدوله عن ذمته إليه ; إذ لم تجر عادتهم في وقته - عليه السلام - في المهور إلا بالشيء الثقيل ، وكل هذه دعاوى .

ثم قال الطحاوي : والدليل على أنه لم يتزوجها على أن يعلمها السورة عوضا من بضعها ، أن النكاح إذا وقع على مجهول فكما لم يسم ، فاحتيج إلى كونه معلوما ، كالأثمان والأجرة .

وجوابه : أن هذا ليس بمجهول ، بل جاء في بعض الروايات أنه وقع على معلوم ، ثم ادعى بأن الأصل المجمع عليه : لو أن رجلا استأجر رجلا على أن يعلمه سورة من القرآن سماها بدرهم ، أن ذلك لا يجوز . قال : وكذلك لو (استأجره ) أن يعلمه شعرا بعينه لم يجز ، قال : لأن الإجارات لا تجوز إلا على أحد معنيين ، إما على عمل بعينه -كغسل ثوب مثلا - أو على وقت معلوم ، وإذا استأجره على تعليم سورة فتلك إجارة ، لا على وقت معلوم ، ولا على عمل معلوم ، وإنما استأجره على أن يعلمه ، وقد يتعلم بقليل التعليم وكثيره في قليل الأوقات وكثيرها ، وكذلك لو باعه داره على أن يعلمه سورة

[ ص: 475 ] من القرآن
لم يجز ; للمعاني المذكورة ، وإذا كان التعليم لا تملك به (المنافع ) ولا أعيان الأموال ثبت بالنظر أن لا تملك به الأبضاع . ولا يسلم ما ذكره .

وادعى ابن العربي أن ذكر الخاتم كان قبل النهي عنه بقوله : "إنه حلية أهل النار " ، فنسخ النهي جوازه والطلب له ، وما أبعد ما ذكره ، ودعوى من ادعى أنه على وجه المبالغة كما قال : "تصدقوا ولو بفرسن شاة " ، أو أنه كان يساوي ربع دينار فصاعدا ; لقلة الصناع حينئذ بعيد ، والحق أحق بالاتباع .

التالي السابق


الخدمات العلمية