التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4889 [ ص: 548 ] 79 - باب: المداراة مع النساء . وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " إنما المرأة كالضلع "

5184 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال : حدثني مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " المرأة كالضلع ، إن أقمتها كسرتها ، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج " . [انظر : 3331 - مسلم: 1468 - فتح: 9 \ 252 ] .


ثم أسنده عنه من حديث أبي هريرة : "المرأة كالضلع ، إن أقمتها كسرتها ، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج " .

هذا الحديث ثبت بألفاظ أخر ، ففي لفظ : "فإنهن خلقن من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء خيرا " ، ذكره في الباب بعده ، وفي آخر عند مسلم : "لن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها " ، وفي لفظ لأبي بكر جعفر بن محمد الفريابي في "كتاب النكاح " : "لن تستقيم لك المرأة على خليقة واحدة ، إنما هي كالضلع ، فاستمتع بها على ما كان فيها من عوج " .

ومن حديث سمرة بن جندب مرفوعا بإسناد فيه شيخ لا يعرف : "إنما المرأة خلقت من ضلع ، وإنك إن ترد إقامتها تكسرها ، فدارها تعش بها ، فدارها تعش بها " . وقد نظم هذا المعنى :

[ ص: 549 ] هي الضلع العوجاء ليس يقيمها . . . ألا إن تقويم الضلوع انكسارها


أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى . . . أليس عجيبا ضعفها واقتدارها



وقول البخاري : باب المداراة ، كذا هو في الأصول قال ابن فارس : دارأت فلانا إذا دفعته ، وداريته ختلته ولاينته ، وقد سوى أبو (عبيد ) بينهما في باب ما يهمز وما لا يهمز ، والضلع بكسر الضاد وفتح اللام ، وقيل بسكونها .

قال ثابت في "دلائله " بعد أن حكى اللغتين : وإنما سميت بذلك المرأة ; لأنها من المر خلقت .

[ ص: 550 ] قال أبو زيد : يقال هو المرء والأمر ، وهي المرأة ، والمرأة والمرة (والمريان ) ، ولا تجمع .

وقوله : ("كالضلع" ) : يريد أنها عوجاء كالضلع .

والعوج قال ابن السكيت : هو بفتح العين فيما كان منتصبا كالحائط والعود ، وما كان في نشاط أو دين أو معاش فهو بكسر العين ، يقال : في دينه عوج . ويؤيد ما ذكره قوله تعالى : لا ترى فيها عوجا ولا أمتا [طه : 107 ] .

وقال غيره : هو بالفتح في كل شخص مرئي ، وبالكسر فيما ليس بمرئي (كالرأي والكلام ) . وقال أبو عمرو الشيباني : هو بالكسر فيها جميعا ، ومصدرها بالفتح معا ، حكاه ثعلب عنه .

وقال الجوهري : هو بالفتح مصدر قولك عوج بالكسر فهو أعوج ، والاسم : العوج بكسر العين .

وقوله : "وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه " ولم يقل أعلاها ، والضلع مؤنثة ، وكذلك قوله : "لم يزل أعوج " . ولم يقل عوجاء ; لأن تأنيثه ليس بحقيقي .

وقال الداودي : إنما قال "كالضلع" ; لأنها خلقت من ضلع آدم ، من قصيرته ، نام نومة ، فاستل الملك ضلعه ، فخلقت منه حواء ، فاستيقظ آدم

[ ص: 551 ] وهي جالسة عنده ، فضمها إليه .

قال : وقوله : ("أعوج شيء في الضلع أعلاه" ) ضربه مثلا على المرأة ; لأن فيه اللسان وهو الذي يبقي من المرأة . وقيل في قوله تعالى : وأصلحنا له زوجه [الأنبياء : 90 ] أنها كان في لسانها طول فأذهب عنها ذلك .

وروي عنه - عليه السلام - أنه قال في آدم : "فضلته بثلاث : كانت زوجته عونا عليه وكانت زوجتي عونا لي ، ووسوس إليه شيطانا وأعانني الله على شيطاني فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير " .

[ ص: 552 ] فصل :

والمداراة أصل الألفة واستمالة النفوس ; من أجل ما جبل الله عليه خلقه وطبعهم من اختلاف الأخلاق ، وقد قال - عليه السلام - : "مداراة الناس صدقة " .

[ ص: 553 ] وقد عرفنا في هذا الحديث أن سياسة النساء أخذ العفو منهن والصبر على عوجهن ، وأن من رام إقامة ميلهن عن الحق ، وأراد تقويمهن ، عدم الانتفاع بهن وتجنبهن لقوله : "إن أقمتها كسرتها " ولا غنى بالإنسان عن امرأة ; يسكن إليها ، ويستعين بها على معاشه ودنياه ، فلذلك قال - عليه السلام - إن الاستمتاع بالمرأة لا يكون إلا بالصبر على عوجها .

التالي السابق


الخدمات العلمية