التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4902 5198 - حدثنا عثمان بن الهيثم، حدثنا عوف، عن أبي رجاء، عن عمران، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها النساء". تابعه أيوب وسلم بن زرير. [انظر: 3241 - مسلم: 2738 - فتح: 9 \ 298].


[ ص: 25 ] ثم ساق حديث ابن عباس في الخسوف. وفيه: "يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان".

وقد سلف في بابه ، وبعضه في الإيمان، وكلاهما من طريق مالك.

ثم ساق حديث أبي رجاء، عن عمران، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء".

وهو بمعنى حديث أسامة السالف قريبا، وذكره في صفة الجنة ، والرقاق . وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي .

وأبو رجاء اسمه عمران بن ملحان، جاهلي أسلم يوم الفتح، وكان عالما، عاملا، معمرا، نبيلا، من القراء، وعاش مائة وعشرين سنة، وتوفي في خلافة عمر بن عبد العزيز، وقيل: في سنة ثمان ومائة، وقيل: سنة سبع عشرة ومائة .

وشيخ البخاري عثمان بن الهيثم هو أبو عمرو، وجده جهم بن عيسى بن حسان بن المنذر العبدي، بصري، مؤذن بجامعها، مات سنة عشرين ومائتين، روى له البخاري وحده .

[ ص: 26 ] فصل:

وسمي الزوج عشيرا; لأنه يعاشرهن، كما سمي حليلا; لأنه يحاللها في موضع واحد، وإنما استحققن النار بكفرهن العشير; من أجل أنهن يكثرن ذلك الدهر كله، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد فسره فقال: "لو أحسنت إلى إحداهن الدهر" لجازت ذلك بالكفران الدهر كله، فغلب استيلاء الكفران على دهرها، فكأنها مصرة أبدا على الكفر، والإصرار أكبر أسباب النار.

وفي الحديث: تعظيم حقه عليها، ويجب عليها شكره والاعتراف بفضله; لستره لها وصيانتها وقيامه بمئونتها وبذله نفسه في ذلك; ومن أجل هذا فضل الله الرجال على النساء في غير موضع من كتابه فقال: الرجال قوامون على النساء [النساء: 34]. وقال: وللرجال عليهن درجة [البقرة: 228]. وقد أمر - عليه السلام - من أسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نعم الزوج التي لا تنفك المرأة منها دهرها كله، وشكر المنعم واجب; لقوله عليه السلام: "من أسديت إليه نعمة فليشكرها" وقال تعالى: أن اشكر لي ولوالديك [لقمان: 14]. فقرن تعالى شكره بشكر الآباء، وقد يكون شكرها في نشرها وفي أقل من ذلك، فيجري فيه الإقرار بالنعمة، والمعرفة بقدر الحاجة.

[ ص: 27 ] فصل:

وفيه: أن الكسوف والزلازل والآيات الحادثة إنما هي كما قال تعالى: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا [الإسراء: 59] وأمره - عليه السلام - عند رؤيتها بالفزع إلى الصلاة دل على أنها تصرف النقم وتعصم من المحن; إذ هي أفضل الأعمال وأولى ما أقبل عليه في البكر والآصال.

فصل:

وقوله في الحديث: (رأيناك يا رسول الله تكعكعت). أي: رجعت وراءك، وأصله من كع الرجل إذا جبن انقبض على الشيء، وكاع مثله. وقال ابن دريد: لا يقال: كاع عن الأمر، وإن كانت العامة تقوله.

التالي السابق


الخدمات العلمية