التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
4903 [ ص: 28 ] 89 - باب: لزوجك عليك حق

قاله أبو جحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

5199 - حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟". قلت: بلى يا رسول الله. قال: "فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا". [انظر: 1131 - مسلم: 1159 - فتح: 9 \ 299].


ثم ساق حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - السالف في الصوم: "وإن لزوجك عليك حقا".

وتعليق أبي جحيفة أخرجه البزار ، عن بندار، حدثنا جعفر بن عون، عن أبي العميس -وهو عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود- عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه أن سلمان قال لأبي الدرداء: إن لجسدك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأخبر أبو الدرداء بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم مثل ما قال سلمان ، ولما ذكر البخاري رحمه الله في الباب السالف حق الزوج على المرأة ترجم حقها عليه، وأنه لا ينبغي أن يجحف نفسه في العبادة حتى يضعف عن القيام بحق أهله من جماعها والكسب عليها.

[ ص: 29 ] واختلف العلماء في الرجل يشتغل بالعبادة عن حقوق أهله، فقال مالك: إذا كف عن جماع أهله من غير ضرورة لا يترك حتى يجامع أو يفارق على ما أحب أو كره; لأنه يضارها، ونحوه لأحمد ، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يؤمر أن يبيت عندها وينظر لها.

وقال الشافعي: لا يفرض عليه من الجماع شيء، وإنما يفرض لها النفقة والكسوة والسكنى، وأن يأوي إليها .

وقال الثوري: إذا شكت المرأة أنه لا يأتيها زوجها، فله ثلاثة أيام ولها يوم وليلة. وبه قال أبو ثور .

قال ابن المنذر: كأن سفيان قاسه على ما أباح الله له من اتخاذ أربع نسوة. وروى عبد الرزاق، عن الثوري، عن مالك بن مغول، عن الشعبي قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين، زوجي خير الناس يصوم النهار ويقوم الليل. فقال عمر: لقد أحسنت الثناء على زوجك. فقال كعب بن سوار: لقد اشتكت فأعرضت الشكية. فقال عمر: اخرج من مقالتك. فقال: أرى أن ينزل منزلة الرجل له أربع نسوة، له ثلاثة أيام ولياليها ولها يوم وليلة.

وروى ابن عيينة، عن زكريا، عن الشعبي أن عمر قال لكعب: فإذا فهمت ذلك فاقض بينهما. فقال: يا أمير المؤمنين أحل الله من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلها من كل أربعة أيام يوم يفطر ويقيم عندها، ولها من كل أربع ليال ليلة يبيت عندها. فأمر عمر الزوج بذلك ، وأغرب ابن حزم فأوجبه في كل طهر، حيث قال: وفرض على الرجل

[ ص: 30 ] أن يجامع امرأته التي هي زوجته، وأدنى ذلك مرة كل طهر إن قدر على ذلك، وإلا فهو عاص لله; برهان ذلك قوله تعالى: فإذا تطهرن فأتوهن [البقرة: 222]. وروينا أن امرأة قالت لعمر: يا أمير المؤمنين، إني امرأة أحب ما تحب النساء من الولد، ولي زوج شيخ. قال: فما برح إذ جاء زوجها شيخ كبير، فقال له عمر: أتقيم لها طهرها؟ قال: نعم. قال: انطلقي مع زوجك، والله إن فيه ما يجزئ -أو قال: يغني- المسألة. قال ابن حزم: ويجبر على ذلك من أبى بالأدب; لأنه أتى منكرا من العمل .

قلت: في "المزاح والفكاهة" للزبير من حديث مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حيان: قلت لامرأتي: أنا وأنت على قضاء عمر. قالت: وما هو؟ قلت: قضى أنه إذا أصاب الرجل امرأته عند كل طهر فقد أدى حقها. فقالت: أنا أول من رد قضاء عمر.

[ ص: 31 ] وروى أبو نعيم في "طبه" من حديث أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ أن امرأة شكت زوجها إلى علي، فقال له علي: أتستطيع أن تصنع شيئا؟ قال: لا. قال: ولا ومن (السحر) ؟ قال: هلكت، أما أنا فلا أفرق بينكما، فاتقي الله واصبري. ومن حديث بقية [عن يزيد بن سنان] عن بكير بن فيروز، عن أبي هريرة يرفعه: "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله كل يوم جمعة; فإن له أجرين: أجر غسله، وأجر غسل امرأته" .

التالي السابق


الخدمات العلمية