التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5019 [ ص: 537 ] 43 - باب: قول الله تعالى: ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن [البقرة: 228]

من الحيض والحمل.

5329 - حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر، إذا صفية على باب خبائها كئيبة، فقال لها: "عقرى -أو حلقى- إنك لحابستنا أكنت أفضت يوم النحر؟". قالت: نعم. قال: "فانفري إذا". [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح 9 \ 481].


ثم ذكر حديث عائشة - رضي الله عنها - لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر، إذا صفية على باب خبائها كئيبة، فقال "ما لها عقرى حلقى إنك لحابستنا أكنت أفضت يوم النحر؟ ". قالت: نعم. قال: "فانفري إذا".

الشرح:

أما الآية فقال أبي بن كعب: إن من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها . وقال ابن عباس وابن عمر: لا يحل لها إن كانت حاملا أن تكتم حملها، ولا يحل لها إن كانت حائضا أن تكتم حيضها. يعني: المطلقة .

[ ص: 538 ] قال الزهري: لتنقضي العدة فلا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له.

وقال مجاهد: وذلك في بغض المرأة زوجها وحبه.

وقال قتادة: إن كانت المرأة تكتم حملها فتذهب به إلى رجل آخر مخافة الرجعة فنهى الله عن ذلك، وتقدم [ما] فيه .

قال إسماعيل: وهذه الآية تدل أن المرأة المعتدة مؤتمنة على رحمها من الحيض والحمل، فإن قالت: قد حضت، كانت مصدقة، وإن قالت: قد ولدت، فكانت مصدقة إلا أن تأتي من ذلك بما يعرف كذبها فيه، وكذلك كل مؤتمن فالقول قوله قال الله تعالى في آية الدين: فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا [البقرة: 282] فوعظ الذي عليه الحق حين جعل القول قوله كما وعظت المرأة حين جعل القول قولها.

وقول أبي بن كعب، يدل على ذلك. وقال سليمان بن يسار: لم نؤمر أن نفتح النساء فننظر إلى فروجهن لنعلم صدق قولهن، ولكن كل ذلك إليهن إذ كن مؤتمنات .

وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - فسلف في الطهارة وغيرها وهو شاهد لتصديق النساء فيما يدعينه من الحيض والحمل دون شهادة القوابل، وكذلك الإماء، ألا ترى أنه - عليه السلام - أراد أن يحبس المسلمين كلهم بما ذكرت صفية من حيضها، ولم يمتحن ذلك عليها ولا أكذبها.

[ ص: 539 ] وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" معنى هذا عن علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمرو، وعبيد بن عمير، وسليمان بن يسار .

وفيه: أن طواف الوداع على الحائض لا يجب، وقد سلف في الحيض اختلاف العلماء في أقل ما تصدق فيه المرأة من انقضاء عدتها.

ومعنى: كئيبة: محزونة سيئة الحال، ومعنى "عقرى حلقى" عقرها الله وحلقها أي: أصابها بوجع في حلقها، كما يقال: حلق رأسه. وقال الأصمعي: يقال (للأمر) يعجب منه ذلك .

وقال أبو عمرو: يقال للمرأة ذلك إذا كانت مشئومة مؤذية. وقيل: العرب تقول ذلك لمن دهمه أمر وهو بمعنى الدعاء، لكنه جرى على لسانهم من غير قصد إليه ، وروي بالتنوين فيهما يجعلونهما مصدرين، وهذا هو المعروف في اللغة، وأهل الحديث على ترك التنوين. ومن مواضع التعجب قول أم الصبي الذي تكلم: عقرى .

التالي السابق


الخدمات العلمية