التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5113 5429 - حدثنا أبو نعيم، حدثنا مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "السفر قطعة من العذاب; يمنع أحدكم نومه وطعامه، فإذا قضى نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله". [انظر: 1804 - مسلم: 1927 - فتح:9 \ 555].


ذكر فيه ثلاثة أحاديث:

أحدها:

حديث أبي موسى الأشعري: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، .. ". الحديث، وقد سلف في فضل القرآن .

ثانيها:

حديث أنس - رضي الله عنه -: "فضل عائشة على النساء .. ". الحديث سلف أيضا .

[ ص: 195 ] ثالثها:

حديث أبي هريرة: "السفر قطعة من العذاب; .. ". سلف في آخر الحج .

ومعنى هذه الترجمة -والله أعلم- إباحة أكل الطعام الطيب وكراهية أكل المر، وأن الزهد ليس في خلاف ذلك; ألا ترى أنه - عليه السلام - شبه المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة التي طعمها طيب وريحها طيب، وشبه المؤمن الذي لا يقرأ بالتمرة طعمها حلو ولا ريح لها، ففي هذا ترغيب في أكل الطعام الطيب وأكل الحلو، ولو كان الزهد فيه أفضل لما شبه - عليه السلام - ذلك مرة بقراءة القرآن، ومرة بالإيمان، فكما فضل المؤمن بالقراءة والإيمان. فكذلك فضل الطعام الطيب سائر الطعام، وشهد لهذا فضل الثريد، وهذا تنبيه منه على أكل الثريد واستعماله لفضله، وتشبيهه المنافق بالحنظلة والريحانة اللتين طعمهما مر، وذلك غاية الذم للطعام المر، إلا أن السلف كرهوا الإكثار من أكل الطيبات وإدمانها; خشية أن يصير ذلك لهم عادة. فلا تصبر نفوسهم على فقدها; رياضة لها وتذليلا وتواضعا.

وأما حديث أبي هريرة فليس فيه ذكر أفضل الطعام ولا أدناه، فقيل: يحتمل أن يريد أن ابن آدم لا بد له في الدنيا من طعام يقيم به جسده ويقوى به على طاعة ربه، وأن الرب جل جلاله جبل النفوس على الأكل والشرب والنوم، وذلك قوام الحياة، والناس في ذلك بين مقل ومكثر، فالمؤمن يأخذ من ذلك قدر إيثاره للآخرة والدنيا.

[ ص: 196 ] فصل:

الحديث الثالث: تفرد به مالك عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وقال: ما لأهل العراق يسألون عن هذا الحديث؟ قيل لأنك انفردت به، قال: لو علمت أني انفردت به ما حدثت به .

فصل:

قوله فيه: (فإذا قضى نهمته). هو بفتح النون، قال ابن التين : ضبطه بالفتح وذلك في ضبط كتاب ابن فارس. وقال: هي الهمة بالشيء يريد ما قصد إليه وسافر بسببه. والأنرجة: بالنون وبغير النون لغتان.

التالي السابق


الخدمات العلمية