التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5128 5443 - حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: كان بالمدينة يهودي، وكان يسلفني في تمري إلى الجداد، وكانت لجابر الأرض التي بطريق رومة فجلست، فخلا عاما، فجاءني اليهودي عند الجداد، ولم أجد منها شيئا، فجعلت أستنظره إلى قابل فيأبى، فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لأصحابه: "امشوا نستنظر لجابر من اليهودي". فجاءوني في نخلي، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلم اليهودي، فيقول: أبا القاسم، لا أنظره. فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فطاف في النخل، ثم جاءه فكلمه فأبى، فقمت فجئت بقليل رطب فوضعته بين يدى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأكل.

ثم قال: "أين عريشك يا جابر؟ ". فأخبرته، فقال: "افرش لي فيه". ففرشته، فدخل فرقد، ثم استيقظ فجئته بقبضة أخرى فأكل منها، ثم قام فكلم اليهودي، فأبى عليه، فقام في الرطاب في النخل الثانية ثم قال: "يا جابر، جد واقض". فوقف في الجداد، فجددت منها ما قضيته وفضل منه، فخرجت حتى جئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبشرته، فقال: "أشهد أني رسول الله".
[عروش وعريش: بناء. وقال ابن عباس: معروشات [الأنعام: 141]: ما يعرش من الكروم وغير ذلك، يقال: عروشها: أبنيتها. [فتح:9 \ 566].


وقال محمد بن يوسف، عن سفيان، عن منصور ابن صفية: حدثتني [ ص: 217 ] أمي، عن عائشة قالت: توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شبعنا من الأسودين: التمر، والماء.

ثم ساق حديث جابر - رضي الله عنه - كان بالمدينة يهودي، وكان يسلفني في تمري إلى الجداد .. الحديث. إلى أن قال: وأكل من رطبها.

الشرح:

تعليق محمد بن يوسف سلف مسندا عن مسلم بن إبراهيم، عن وهيب، عن منصور ، وقال أبو نعيم: ثنا أبو محمد بن حبان، ثنا أبو يعلى، ثنا أبو خيثمة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور، فذكره. ومنصور: هو ابن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبي طلحة الجمحي.

وحديث جابر سلف أيضا غير مرة ، والبخاري رواه عن سعيد بن أبي مريم، عن أبي غسان، عن أبي حازم، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة عن جابر. وأبو غسان اسمه محمد بن مطرف، وأبو حازم سلمة بن دينار، قال الإسماعيلي في كتابي عن القاسم بن زكريا ولم أر عليه إجازة، ثنا إبراهيم بن هانئ وأحمد بن منصور قالا: ثنا سعيد بن أبي مريم فذكره، ثم قال في آخره: حدثنيه محمد بن أحمد بن القاسم: ثنا يحيى بن صاعد، ثنا أحمد بن منصور وسعيد بن أبي مريم به سواء.

[ ص: 218 ] وقال: هذه القصة رواها الثقات المعروفون فيما كان على أبي جابر والسلف إلى الجذاذ مما لا يخبره البخاري وغيره، ففي هذا الإسناد نظر.

وقوله: [قال] جابر: (فجلست، فخلا عاما) قال صاحب المطالع: كذا للقابسي وأبي ذر وأكثر الرواة أي: اختلفت أي: كل ما نبت فيها. يقال: اختلست الشيء: اختطفته. ولأبي الهيثم: فخاست بحلها عاما. وللأصيلي: فحبست.

وصوابه الثاني أي: خالفت معهود حلها، يقال: خاس العهد: إذا خانه، وخاس الشيء: إذا تغير أي: فتغير بحلها عما كان عليه، وكان أبو مروان بن سراح، يصوب الأولى إلا أنه يصلح ضبطها: فجلست أي: عن القضاء، فخلا يعني: السلف عاما، لكن ذكره للأرض في أول الحديث يدل على أن الخبر عنها لا عن نفسه.

فصل:

الرطب والتمر: من طيب ما خلق الله وأباحه لعباده، وهو جل طعام أهل الحجاز وعمدة أقواتهم، وقد دعا إبراهيم - عليه السلام - لهم بمكة بالبركة، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتمر المدينة بمثل ما دعا به إبراهيم لمكة، ومثله معه. ولا تزال البركة في تمرهم وثمارهم إلى قيام الساعة.

فصل:

ظاهر هذا الحديث أن الدين كان على جابر، والذي في أكثر الأحاديث أنه على والد جابر.

وفيه: أن لا يحلون من دين عليهم، وكان - عليه السلام - يتعوذ من المغرم، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي، فدل أن تعوذه كان من كثير الدين.

[ ص: 219 ] وفيه: أكله - عليه السلام - عند بعض أصحابه، قال ابن التين : ولا يجوز ذلك للأمة; إذ ليس فيهم من قوته اليقين، ولا ممن مطعمه ما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فصل:

قولها: (وقد شبعنا من الأسودين: التمر، والماء)، وقد يراد بهما الماء والقث، أنشد ابن سيده في "محكمه":


الأسودان أبردا عظامي الماء والقث دوا أسقامي



التالي السابق


الخدمات العلمية