التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5228 [ ص: 599 ] 3 - باب: الأضحية للمسافر والنساء

5548 - حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وحاضت بسرف قبل أن تدخل مكة وهي تبكي، فقال: "ما لك؟ أنفست؟". قالت: نعم. قال: "إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت". فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قالوا: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر. [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 10 \ 5]


ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها وحاضت بسرف ... الحديث السالف في الحج وفي آخره: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر.

اختلف العلماء في المسافر هل تجب عليه أضحية؟ فقال الشافعي: هي سنة على جميع الناس وعلى الحاج بمنى، وبه قال أبو ثور.

وقال مالك: الأضحية عليه ولا يؤمر بتركها إلا الحاج بمنى.

وذكر ابن المواز عن مالك: أن من لم يحج من أهل مكة ومنى فليضح، ومذهب ابن عمر أن التضحية تلزم المسافرين، وكذا حكاه ابن بطال ، وقد سلف، وأسلفنا عن البخاري أن ابن عمر قال: هي سنة ومعروف، نعم هو قول الأوزاعي والليث.

وقال أبو حنيفة: لا تجب التضحية على المسافرين.

ويروى عن النخعي أنه قال: رخص للحاج والمسافر أن لا يضحي، حجة الشافعي حديث الباب: ضحى عن أزواجه بالبقر وكانوا في الحج [ ص: 600 ] وحال سفر، وحجة مالك القياس على الحضر، كما لا فرق بينهم في الفرائض، وكذا الحاج بمنى لأن سهم الهدايا، وهو ما سيق من الحل إلى الحرم تقربا.

وذكر ابن وهب عن أفلح بن حميد، عن القاسم بن محمد قال: كنا نحج مع عائشة فلم يكن يضحي منا أحد.

وعن عمر بن الخطاب أنه كان يحج ولا يضحي.

وعن ابن عمر مثله، كذا في ابن بطال وفيه مخالفة لما قدمه عنه.

قال ابن وهب: وأخبرني رجال من أهل العلم أن ابن عباس وسالم بن عبد الله وجماعة كانوا يحجون ولا يضحون.

وعن النخعي أن أبا بكر وعمر كانا يحجان ولا يضحيان.

وحجة أبي حنيفة في سقوطها عن المسافرين لما سقطت الجمعة والعيدان عنهم سقطت التضحية، ورووا عن علي بن أبي طالب أنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.

وأما النساء فإن من أوجب الضحايا أوجبها عليهن، ومن لم يوجبها استحبها في حقهن كالرجال.

وأول ابن التين قولها: (ضحى عن أزواجه بالبقر)، أي: ذبحها ضحى عملا بمذهبه أن الحاج لا تضحية عليه، وهو خلاف تبويب البخاري، قال: فإن يحمل على الأضحية فيكون ذلك تطوعا لا على مجرى سنة الأضحية. وقد اختار أشهب للحاج أن يضحي إذا شاء بالإبل والبقر استحبابا.

[ ص: 601 ] فصل:

وقوله - صلى الله عليه وسلم - لها: "أنفست؟ " هو بضم النون وفتحها. وقال ابن التين : ضبط بالضم، وقد قال في "الغريبين": يقال: نفست بالضم والفتح إذا ولدت، فإن حاضت فبالفتح لا غير.

التالي السابق


الخدمات العلمية