التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5297 [ ص: 208 ] 19 - باب: هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر؟

5620 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟". فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا. قال: فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. [انظر: 2351 - مسلم: 2030 - فتح 10 \ 86]


ذكر فيه حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ ". فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا. قال: فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده.

قد سلف أن الغلام هو: عبد الله بن عباس على الأصح، ومعنى (تله في يديه): ألقاه ووضعه في يده. قال الخطابي : بعنف، وأنكره بعض أهل اللغة ، ومعنى وتله للجبين أي: صرعه كما تقول: كبه لوجهه.

والأشياخ: خالد بن الوليد، نقل من طرق، وأخرجه الحميدي، عن سفيان، ثنا علي بن زيد بن جدعان، عن عمر بن حرملة، عن ابن عباس قال: دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خالتي ميمونة ومعي خالد بن الوليد فقدمت إلينا ضبابا مشوية، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفل ثلاث مرات ولم يأكل منها وأمرنا أن نأكل، ثم أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإناء فيه لبن - وأنا عن يمينه وخالد عن يساره - فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الشربة لك يا غلام،

[ ص: 209 ] وإن شئت آثرت بها خالدا"، فقال: ما كنت لأؤثر بسؤر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا، ثم قال - عليه السلام - : "من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإني لا أعلم شيئا يجري مجرى الطعام والشراب غيره"
.

فصل:

ومن الفقه أن من وجب له حق لا يؤخذ منه إلا بإذنه، فلذلك قال الغلام ما قال تبركا بفضله.

قال المهلب : واستئذانه صاحب اليمين من باب الإيثار بالسنن فإن أذن آثر على نفسه وإلا فله فضل ما شح عليه من شريف المكان، وقال الإمام: لا تجوز التبرعات بالقرب والعبادات، وتجوز في المهج والنفوس ويجزئه ما نحن فيه، وكذا جذب واحد من الصف مع استحباب مباعدته; وفي هذا دليل أن من سبق إلى مجالسة الإمام والعالم أنه لا يقم لمن هو أحق منه; لأنه - عليه السلام - لما لم يقم ذلك الأعرابي لأبي بكر ولا الغلام للشيخ علم أن من سبق إلى موضع من العالم أو المسجد أو غيره مما حقوق الناس فيه متساوية أنه أحق به.

قال غيره: وقوله: "كبر كبر" في غير هذا الحديث، إنما ذلك إذا استوت حال القوم في شيء واحد; فحينئذ يبتدأ بالأكبر.

وأما إذا كان لبعضهم فضل على بعض في شيء فصاحب الفضل أولى بالتقدمة، (وسيأتي) في المياه، في باب: من رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة، شيء من الكلام في هذا الحديث.

التالي السابق


الخدمات العلمية