التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5334 [ ص: 294 ] 12 - باب: إذا عاد مريضا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة

5658 - حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا يحيى، حدثنا هشام قال: أخبرني أبي، عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليه ناس يعودونه في مرضه، فصلى بهم جالسا، فجعلوا يصلون قياما، فأشار إليهم اجلسوا، فلما فرغ قال: " إن الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإن صلى جالسا فصلوا جلوسا". [انظر: 688 - مسلم: 412 - فتح 10 \ 120]


قال أبو عبد الله: قال الحميدي: هذا الحديث منسوخ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر ما صلى صلى قاعدا والناس خلفه قيام.

ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - السالف في الصلاة . ونقل عن الحميدي نسخه بأنه - عليه السلام - آخر ما صلى قاعدا والناس خلفه قيام، وهذا قد سلف الكلام عليه واضحا. ورواه النسائي وأهمله ابن عساكر.

ومن السنة المعروفة: أن صاحب المنزل يتقدم للصلاة بمن حضره من الناس إلا أن يقدم غيره، وصلاته بمن عاده في مرضه هو الواجب لأمرين:

أحدهما: ما قررناه من أن صاحب المنزل أولى من غيره بالإمامة.

ثانيهما: أنه - عليه السلام - ولا يجوز أن يتقدمه أحد في كل مكان.

قال ابن بطال : ولا يجوز اليوم لمن كان مريضا أن يؤم أحدا في بيته جالسا; لأن إمامة الجالس منسوخة عند أكثر العلماء .

[ ص: 295 ] قلت: المنسوخ: قعودهم معه فقط، وهذا ذكره على مشهور مذهبه: أعني مذهب مالك أنه لا يؤم المريض الصحاح .

كما ذكره ابن التين قال: ودليله قوله - عليه السلام - : "لا يؤم أحد بعدي جالسا" .

قلت: حديث لا يصح، وحمل ابن القاسم حديث الباب أنه كان نافلة وهو غلط، وأخذ أحمد وإسحاق بظاهره، وأن الإمام إذا صلى جالسا تابعوه ، وتبين في حديث جابر أنه فعله تواضعا ومخالفة لأهل فارس في قيامهم على رءوس ملوكهم.

قيل: ويحتمل أن يكون قاموا في بعض الجلوس تعظيما له، فأمرهم باتباعه إذا جلس للتشهد.

وقول الحميدي: إنه منسوخ بفعله الآخر، قال به أبو حنيفة والشافعي.

ويأتي على رواية الوليد، عن مالك خلاف المشهور، كما سلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية