التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5362 [ ص: 357 ] 6 - باب: الدواء بأبوال الإبل

5686 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - أن ناسا اجتووا في المدينة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلحقوا براعيه - يعني: الإبل - فيشربوا من ألبانها وأبوالها، فلحقوا براعيه فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم، فقتلوا الراعي وساقوا الإبل، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث في طلبهم، فجيء بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم. قال قتادة: فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود. [انظر: 233 - مسلم: 1671 - فتح 10 \ 142]


ذكر فيه حديث العرنيين السالف في الطهارة .

ثم ترجم له: باب الدواء بأبوال الإبل، وذكره أيضا.

وذكر الخطيب في "الفصل للوصل" أن حميد بن أبي حميد - وأشار البخاري إلى متابعته في كتاب الطهارة - رواه عن أنس من غير قوله: ("وأبوالها") فإنه رواها عن قتادة عن أنس أي كما هنا . قال: ووقع في بعض الأحاديث الباطلة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن الله عاتبه لما قطع أيديهم وسمل أعينهم بالنار، فأنزل الله: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآيات .

وذكر أبو نعيم في "طبه" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "عليكم بأبوال الإبل البرية وألبانها" وأخذ أصحابنا من هذا الحديث التداوي بالنجاسات،

[ ص: 358 ] وعند مالك: أبوال الإبل طاهرة، وكذا كل ما يؤكل لحمه، قيل له: فأبوال الخيل؟ قال: لا خير فيه. قيل له: تحلب فتبول في اللبن؟ قال: أرجو ألا يكون بذلك بأس .

والقول الصحيح في ذلك قول من شهدت له السنة الثابتة.

فصل:

قوله: (كان بهم سقم) هو بضم السين وفتحها مثل حزن وحزن. ومعنى: (يكدم الأرض بلسانه) يلعقها من شدة العطش وألم الجراح، يقال: كدم يكدم إذا عض بادئ الفم.

وقوله: (فقال: سلام - يعني: ابن مسكين - : فبلغني أن الحجاج قال لأنس: حدثني بأشد عقوبة عاقب فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فحدثه بهذا فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يحدثه بهذا) يريد: لئلا يجترئ الحجاج ويزيد في العقوبة ويحتج بذلك على ما يحب فعله.

ومعنى (اجتووا المدينة) كرهوها واستوخموها واستوبلوها لمرض أصابهم فيها وقد جاء مفسرا.

قال الجوهري: اجتويت البلدة إذا كرهتها وإن كنت في نعمة ،

[ ص: 359 ] وفرق بعضهم بين اجتووا واستوخموا فجعل (اجتووا) كرهوا الموضع وإن وافق و(استوبلوا) إذا لم يوافقه وإن أحبه، يقال: وبل الموضع - بالضم وبلا ووبالا - فهو: وبيل، أي: وخيم. و(صلحت) بفتح اللام قال الجوهري: يقول: صلح الشيء يصلح صلوحا . وحكى الفراء الضم.

قوله: (وسمر أعينهم) هو بالتخفيف، أي: كحلها بالمسامير المحماة، يقال: سمرت الشيء تسميرا وسمرت أيضا، ويروى: وسمل باللام أي: فقأها بالشوك، وقيل بالحديدة ( المحماة) تدنى من العين حتى يذهب بصرها.

فصل:

قوله: (قال قتادة: فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود) يريد حد المحارب، والذي فعله الشارع لهم كان الحد ثم نسخ بالقرآن، وقيل: إنهم فعلوا بالراعي مثل ذلك فعوقبوا بمثل ما أتوه. وقد سلف إيضاح ذلك أجمع في الطهارة، وأعدناه لبعده.

التالي السابق


الخدمات العلمية