التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5375 5702 - حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثنا ابن الغسيل قال: حدثني عاصم بن عمر، عن جابر بن عبد الله قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شربة عسل، أو شرطة محجم، أو لذعة من نار، وما أحب أن أكتوي". [انظر: 5683 - مسلم: 2205 - فتح 10 \ 153]


ذكر فيه حديث ابن أبي عدي، عن هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في رأسه وهو محرم من وجع كان به بماء يقال له: لحي جمل.

قال محمد بن سواء: ثنا هشام، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم في رأسه وهو محرم من شقيقة كانت به.

وحديث جابر - رضي الله عنه - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شربة عسل، أو شرطة محجم، أو لذعة نار، وما أحب أن أكتوي".

(الشرح) :

تعليق محمد بن سواء أسنده الحافظ أبو بكر في "مستخرجه" عن أبي [ ص: 391 ] يعلى، ثنا محمد بن عبد الله (الأزدي) ، ثنا محمد بن سواء .. فذكره.

(وحديث ابن عباس الذي قبله أخرجه أبو داود والنسائي ، وأهمله ابن عساكر، وحديث جابر سلف في العسل) .

و(الشقيقة): وجع يأخذ نصف الرأس والوجه، وقال الداودي : هو وجع في ناحية من الرأس مع الصدغ، وقال الفراء: هو وجع يأخذ نصف الرأس والوجه، وهذا قدمته. وقال ابن سيده في "المحكم": هو داء يأخذ في نصف الرأس .

وفي "النهاية": هو نوع من صداع يعرض في مقدم الرأس وإلى أحد جانبيه . وقال الأطباء: هو وجع مزمن يهيج في أحد جانبي الرأس، وسببه إما أبخرة مرتفعة أو أخلاط حارة أو باردة.

وروى أبو نعيم من حديث المسيب بن دارم، حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه: كان - صلى الله عليه وسلم - ربما أخذته الشقيقة فيمكث اليوم واليومين لا يخرج.

ومن حديث ابن عون، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : كان - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي صدع، فيغلف رأسه بالحناء .

قال ابن التين : وفي الحديث أن حجامة الرأس شفاء من كل أوجاع الرأس والنعاس والأضراس. قال الليث: وهي في فاس الرأس التي في [ ص: 392 ] وسط الرأس وربما أعمت، وذكر عن الأطباء أن حجامة الأخدعين نفعها من داء الصدر والرئة (والكبد) ، والحجامة على النقرة لأدواء العينين والرأس والعنق والظهر، والحجامة على الكاهل لأدواء الجسد كله، وحجمه - صلى الله عليه وسلم - في أماكن مختلفة لاختلاف أسباب الحاجة إليها، روي أن حجمه في كاهله كان لوجع أصابه في رأسه من أكله الطعام المسموم بخيبر.

قال الموفق البغدادي: الحجامة تنقي سطح البدن أكثر من الفصد; والفصد لأعماق البدن أفضل، وهي تستخرج الدم الرقيق، وتصلح للصبيان، ولمن لا يقوى على الفصد، وفي البلاد الحارة التي لا يصلح فيها الفصد، وتستحب في وسط الشهر وبعده في الربع الثالث من أرابيع الشهر لا في أول الشهر ولا في آخره; لأن الأخلاط في أول الشهر لم تكن هاجت، وفي آخره تكون قد سكنت، وأما في وسطه وبعيده تكون في نهاية التزيد.

والحجامة على النقرة تقوم مقام فصد الأكحل، وتنفع من ثقل الحاجبين، وتخفيف الجفنين، وتنفع من جربة وفي البخر. وأما الحجامة على الكاهل تنوب عن فصد الباسليق وتنفع من وجع المنكب والحلق، وعلى الأخدعين تنوب عن فصد القيفال، وتنفع من ارتعاش الرأس، ومن أمراض أجزائه كالوجه والأسنان والأذنين والعينين والأنف والحلق، وتحت الذقن تنفع من أوجاع الأسنان والوجه والحلقوم، وتنفع الرأس والفكين، وعلى البطن تنفع من دماميل الفخذ وجربه وبثوره من النقرس والبواسير وداء الفيل ورياح

[ ص: 393 ] المثانة والرحم وحكة الظهر، ووضع المحاجم على المقعدة يجذب من جميع البدن ومن الرأس، وينفع الأمعاء، ويشفي من فساد الحيض .

فصل:

قوله: (يقال له: لحي جمل)، قال عياض : رواه بعض رواة البخاري مثنى، وفسره فيه في حديث محمد بن بشار فقال: ماء يقال له: لحي جمل .

فصل:

في سند حديث جابر: ابن الغسيل: وهو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة الغسيل، وأمه أسماء بنت حنظلة بن عبد الله بن حنظلة الغسيل ابن أبي عامر الراهب، واسمه عبد عمرو بن صيفي بن النعمان بن مالك بن أمية بن ضبيعة أخي أمية وعبيد ابني زيد أخي عزيز ومعاوية أولاد مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.

فصل:

قال الطبري: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يحتجم على رأسه وبين كتفيه، من حديث أبي كبشة الأنماري وسلمى خادمه - صلى الله عليه وسلم - ، ومن حديث جرير عن قتادة عن أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يحتجم في الأخدعين وبين الكتفين.

وصحة هذا غير مبطلة صحة الخبر عنه أنه احتجم على رأسه، وذلك أن حجم المحتجم من جسده ما يرجو نفعه في بعض أحايينه غير موجب

[ ص: 394 ] علينا حالة احتجامه على هامته ونقرة قفاه وغيرها من أماكن جسده; لاختلاف العلل.

وقد ذكر عن المتقدمين في العلم بحجامة الأدواء أن حجامة الأخدعين نفعها من داء الصدر والرئة والكبد; لأنها تجذب الدم منها، وأن الحجامة على النقرة لأدواء العين والرأس والعنق والظهر، وأن الحجامة على الكاهل نفعها من داء الجسد كله، وأنها فوق القحف نفعها من السدود وقروح الفخذ واحتباس الطمث - وهذا قد سلف - فإذا كانت منافع الحجامة مختلفة لاختلاف أماكنها فمعلوم أن حجمه - صلى الله عليه وسلم - من جسده ما حجم كان لاختلاف أسباب الحاجة إليه. وروي عنه أن حجمه هامته كان لوجع أصابه في رأسه ، كما تقدم.

التالي السابق


الخدمات العلمية