التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5403 [ ص: 474 ] 32 - باب: الرقى (بالقرآن) والمعوذات

5735 - حدثني إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها. فسألت الزهري: كيف ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه، ثم يمسح بهما وجهه. [انظر: 4439 - مسلم: 2192 - فتح 10 \ 195]


ذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها. فسألت الزهري: كيف ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه، ثم يمسح بهما على وجهه.

الشرح:

(هذا الحديث كرره في الطب ، وسلف في فضائل القرآن والمغازي وزاد خلف: وفي الأدب، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه) .

[ ص: 475 ] في الاسترقاء بالمعوذات: استعاذة بالله تعالى من شر كل ما خلق، ومن شر النفاثات في السحر، ومن شر الحاسد، ومن شر الشيطان ووسوسته، وهذه جوامع من الدعاء تعم أكثر المكروهات، ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يسترقي بها، وهذا الحديث أصل أن لا يسترقى إلا بكتاب الله وأسمائه وصفاته، وقد روى مالك في "الموطأ" أن الصديق دخل على عائشة - رضي الله عنها - وهي تشتكي، ويهودية ترقيها، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : ارقيها بكتاب الله . يعني بالتوراة والإنجيل; لأن ذلك كلام الله الذي فيه الشفاء، وذكر ابن حبان في "صحيحه" مرفوعا أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل .. الحديث، قال ابن حبان: قوله: عالجيها بكتاب الله، أي بما يبيحه كلام الله; لأن القوم كانوا يرقون في الجاهلية بأشياء فيها شرك، فزجرهم بهذه اللفظة عن الرقى إلا بما يبيحه كتاب الله ، وقد روي عن مالك جواز رقية اليهودي والنصراني للمسلم إذا رقى بكتاب الله، وهو قول الشافعي ، وعنه أنه كره رقى أهل الكتاب وقال: لا أحبه، وذلك - والله أعلم - لأنه لا يدرى هل يرقون بكتاب الله أو الرقى المكروهة التي تضاهي السحر .

وروى ابن وهب عن مالك أنه سئل عن المرأة التي ترقي بالحديد والملح، وعن الذي يكتب (الكتاب) للإنسان ليعلقه عليه من الوجع،

[ ص: 476 ] ويعقد في الخيط الذي يربط به الكتاب سبع عقد، والذي يكتب خاتم سليمان في الكتاب، فكرهه كله وقال: لم يكن ذلك أمر الناس في القديم .

وفي "جامع مختصر الشيخ أبي محمد" أن مالكا كره ذلك، وأن ابن وهب أجازه، واحتج بفعل أبي بكر السالف.

فصل:

هذا الحديث ذكره البخاري في باب النفث الآتي قريبا بلفظ: كان إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه ب قل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعا ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده، فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به .

وروى الترمذي - وقال: حسن - عن أبي سعيد: كان - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من الجان وعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما .

فصل:

ينفث بكسر الفاء وضمها، قال أبو عبيد: هو شبيه بالنفخ، وأما التفل فلابد فيه شيء من الريق ، وقيل: يكون معه شيء أقل من التفل.

فصل:

فيه: إثبات الرقى كما ذكرناه، والرد على من أنكر ذلك من الإسلاميين.

[ ص: 477 ] فصل: وهو دال على الرقية في صحة الجسم.

فائدة: (في) النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء أو النفس المباشر لتلك الرقية والذكر، وقد يكون على وجه التفاؤل بزوال الألم عن المريض وانفصاله عنه كما ينفصل ذلك النفث عن الراقي.

فصل:

وفيه: إباحة النفث في الرقى، وقد روى الثوري عن الأعمش، عن إبراهيم قال: إذا رقيت بآي القرآن فلا تنفث .

وقال الأسود: أكره النفث. وكان لا يرى بالنفخ بأسا.

وكرهه أيضا عكرمة والحكم بن حماد ، وأظن حجة من كرهه ظاهر قوله تعالى: ومن شر النفاثات في العقد وذلك نفث سحر، والسحر محرم، وما جاء عن الشارع أولى، وفيه الخير والبركة.

وفيه أيضا: المسح باليد عند الرقية، وفي معناه المسح باليد على كل ما ترجى بركته وشفاؤه وخيره، مثل المسح على رأس اليتيم وشبهه.

وفيه: التبرك بالصالحين وإيمانهم كما فعلت عائشة بيده اليمنى دون الشمال .

فصل:

قيل: وفيه: أن أقل الجمع اثنان، لقوله: بالمعوذات، وهما معوذتان، وهو عجيب، وأغرب من ذلك أنه من باب التغليب، ومعهما (قل هو الله أحد) وغلب، وقد سلف.

التالي السابق


الخدمات العلمية