التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5460 5796 - حدثنا صدقة، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال: أخبرني نافع، عن عبد الله قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه، واستغفر له. فأعطاه قميصه، وقال: " إذا فرغت فآذنا". فلما فرغ آذنه، فجاء ليصلي عليه، فجذبه عمر فقال: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ فقال: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم [التوبة: 80]. فنزلت: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا [التوبة: 84] فترك الصلاة عليهم. [انظر: 1269 - مسلم: 2400 - فتح 10 \ 266]


ذكر فيه حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلا قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: "لا يلبس المحرم القميص". الحديث.

[ ص: 599 ] وقد سلف .

وحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بعد ما أدخل قبره، فأمر به فأخرج، ووضع على ركبتيه، ونفث عليه من ريقه، وألبسه قميصه، والله أعلم.

وحديث نافع عن عبد الله قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه .. الحديث، وسلف في الجنائز ، وأخرج حديث جابر هنا عن عبدان: عبد الله بن عثمان ، وفي الجهاد عن عبد الله بن محمد، وفي الجنائز عن مالك بن إسماعيل كلهم عن ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر ، وأخرجه مسلم في التوبة عن زهير وأبي بكر وأحمد بن عبدة كلهم عن ابن عيينة، ( والنسائي في الجنائز) :

قلت: جاء ذكر القميص في عدة أحاديث أخر.

[ ص: 600 ] منها: حديث عائشة - رضي الله عنها - (السالف في الجنائز) كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة .

ومنها: حديث أم سلمة - رضي الله عنها - عند الترمذي: كان أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص. ثم قال: حسن غريب إنما نعرفه من حديث عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة، عنها. وروى بعضهم هذا الحديث عن أبي تميلة، (عن عبد المؤمن بن خالد) عن عبد الله بن بريدة، عن أمه، عنها. وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث ابن بريدة عن أمه، عن أم سلمة أصح .

قلت: ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود عن زياد بن أيوب، عن أبي تميلة .

ومنها: حديث أسماء بنت يزيد بن السكن (قالت) : كان كم يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرسغ. أخرجه أيضا الترمذي، وقال: حسن غريب .

ومنها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان - صلى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصا بدأ

[ ص: 601 ] بميامنه،
أخرجه أيضا، ثم قال: رواه غير واحد عن شعبة، ولم يرفعه، وإنما رفعه عبد الصمد بن عبد (الوارث) ، عن شعبة. ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في "صحيحه" .

ومنها: حديث أبي سعيد: كان - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه: عمامة أو قميصا أو رداء .. الحديث أخرجه أيضا ، وذكر أبو داود أن حماد بن سلمة وعبد الوهاب أرسلاه ، وفيما ذكرناه رد على قول ابن العربي في "سراجه": ما سمعت للقميص ذكرا صحيحا إلا في الآية السالفة، وحديث ابن أبي وتكفينه في قميصه، ولم أر لهما ثالثا فيما يتعلق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خاصته. وقال ابن بطال : فيه أن لبس القميص من الأمر القديم، وكذا كل ما ذكر في حديث ابن عمر من السراويل والبرانس وغيرهما .

فصل:

قوله في المحرم، في حديث ابن عمر: ("لا يجد النعلين فليلبس ما أسفل من الكعبين").

قال ابن حبيب: كان هذا في بدء الإسلام والنعال قليلة، فأما الآن فلا يلبس الخفين وإن قطعهما أسفل من الكعبين، وقال غيره: ظاهر قول مالك خلاف ذلك .

[ ص: 602 ] فصل:

قال الداودي : في حديث أبي هذا خلاف حديث أنس، وأرى حديث أنس هو المحفوظ; لأنه قال هنا: أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين؟ وفي آخره: فنزلت: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا جعل النهي بعد قوله: أليس قد نهاك. هذا هو المحفوظ; وإنما أنزل بعد التخيير: سواء عليهم أستغفرت لهم الآية، وفي حديث ابن أبي نزلت هذه في حياته، والصحيح ما رواه أنس، وإنما فعل ذلك رجاء التخفيف عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية