التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5466 5803 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن رجلا قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد النعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه زعفران ولا الورس". [انظر: 134 - مسلم: 1177 - فتح 10 \ 271]


وقال لي مسدد: ثنا معتمر: سمعت أبي قال: رأيت على أنس برنسا أصفر من خز. كذا ذكره عن شيخه، وكأنه أخذه عنه مذاكرة.

وروى ابن أبي شيبة ، عن ابن علية، عن يحيى بن أبي إسحاق قال: رأيت على أنس بن مالك برنس (خز) .

ثم ساق حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - السالف: ما يلبس المحرم من الثياب. وفيه: "ولا البرانس".

سئل مالك عن لباس البرانس: أتكرهها فإنها تشبه لباس النصارى؟ قال: لا بأس بها، وقد كانت تلبس هنا. وقال عبد الله بن أبي بكر: ما كان أحد من القراء إلا له برنس يغدو فيه وخميصة يروح فيها.

وأما لباس الخز - وهو بخاء معجمة، وزاي - حرير خلط بوبر وشبهه وأصله من وبر الأرنب فسمي - وإن خلط بكل وبر - خزا من أجل خلطه.

وقال ابن العربي في "سراجه": هو ما أحد نوعيه - السدى [ ص: 614 ] أو اللحمة - حرير، والآخر (سواه) فقد لبسه جماعة من السلف، وكرهه آخرون، فمن لبسه: الصديق وابن عباس وأبو قتادة وابن أبي أوفى وسعد بن أبي وقاص وجابر وأنس، وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وابن الزبير وعائشة - رضي الله عنه - ، ومن التابعين ابن أبي ليلى والأحنف بن قيس وشريح والشعبي وعروة وأبو بكر بن عبد الرحمن وعمر بن عبد العزيز أيام إمارته - زاد ابن أبي شيبة في "مصنفه" - القاسم بن محمد وعبيد الله بن عبد الله والحسين بن علي وأبا بكرة وقيس بن أبي حازم وشبيل بن عزرة وأبا عبيدة بن عبد الله ومحمد بن علي بن حسين وسعيد بن المسيب وعلي بن زيد وابن عون، وعن خيثمة أن ثلاثة عشر من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كان يلبسون الخز . قال أبو داود : وقد لبس من الصحابة عشرون نفسا [أو] أقل أو أكثر .

وروى ابن وهب عن مالك أنه قال: لا يعجبني لبس الخز ولا أحرمه، وروى عنه ابن القاسم كراهته.

قال الأبهري: إنما كرهه من أجل السرف، ولم يحرمه لأجل من لبسه من الصحابة، والنهي عنه لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين، وكرهه ابن عمر وسالم والحسن وابن سيرين وسعيد بن جبير، وكان ابن المسيب لا يلبسه ولا ينهى عنه.

وقال علي بن زيد: جلست إلى سعيد بن المسيب وعليه جبة خز فأخذ بكم جبتي وقال: ما أجود جبتك. قلت: وما تغني! قد أفسدوها علي. قال: ومن أفسدها؟ قلت: سالم. قال: إذا صلح

[ ص: 615 ] قلبك فالبس ما شئت، فذكرت قوله للحسن، فقال: إن من صلاح القلب ترك الخز .

فرع:

يحرم المركب من الإبريسم وغيره إن زاد وزن الإبريسم، ويحل عكسه، وكذا إن استويا في الأصح عندنا، وذكر الزاهري من الحنفية أن ما كان من الثياب الغالب عليها القز كالخز وغيره فلا بأس به، ويكره ما كان ظاهره القز. وكذا ما كان خط منه قز وخط منه خز وهو ظاهر فلا خير فيه.

وظاهر مذهب أبي حنيفة عدم الجمع في المتفرق إلا إذا كان خط منه خز وخط منه غيره بحيث يرى كله خزا فلا يجوز، فأما إذا كان كل واحد مستبينا كالطرز في العمامة فظاهر المذهب أنه لا يجمع. (وجوزه الشافعي باطنا غير ظاهر.

قال القاضي: والصحيح جوازه; لأن الحرير ثبت منعه مع الذهب، بقي غيره على الإباحة لا سيما مع فعل الأعيان من الصحابة. ولأبي داود من حديث عبد الله بن سعد عن أبيه قال: رأيت رجلا ببخارى على بغلة عليه عمامة خز سوداء، فقال: كسانيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال النسائي: قال بعضهم: إن هذا الرجل عبد الله بن خازم السلمي أمير خراسان .

[ ص: 616 ] ولما ذكره البخاري في "تاريخه" قال: ما أرى أنه أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

التالي السابق


الخدمات العلمية