التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5477 5814 - حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي سجي ببرد حبرة. [مسلم: 942 - فتح 10 \ 276]


وقال خباب: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له، وقد سلف في الصلاة .

ثم ذكر فيه أحاديث:

أحدها: حديث أنس في جبذ الأعرابي بردائه، وقد سلف قريبا .

وثانيها: حديث سهل بن سعد: جاءت امرأة (ببردة) ، وقد سلف أيضا .

وثالثها: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : "يدخل الجنة من أمتي زمرة (هي)

[ ص: 640 ] سبعون ألفا، تضيء وجوههم إضاءة القمر". فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه .. الحديث، وقد سلف قريبا.

ورابعها: حديث قتادة، عن أنس - رضي الله عنه - قال: قلت له: أي الثياب كان أحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: الحبرة.

وفي لفظة: كان أحب الثياب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسها الحبرة.

وخامسها: حديث عائشة: أنه - صلى الله عليه وسلم - حين توفي سجي ببرد حبرة. وقد سلف أيضا.

والبردة كساء أسود مرقع فيه صغر تلبسه الأعراب، والجمع: برود. قال الجوهري: والبرد من الثياب، والجمع برود .

وقال الداودي : البرود كالأردية والميازر، (وبعضهم) أفضل من بعض، وقال ابن بطال : النمرة والبرد سواء.

وفيه: تواضعه - صلى الله عليه وسلم - في لبسه، والشملة: كساء يشتمل به، قاله الجوهري .

قال ابن السكيت: يقال: كم اشتريت شملة تشملني، وقال الداودي : هي البردة. قال: وقوله: منسوج في حاشيتها، يقول: [بها] حاشيتان ثم تشق من برد كبير فيتخذ مئزرا.

والحبرة بوزن عنبة: برد يمان، قاله الجوهري.

[ ص: 641 ] قال الداودي: هي الخضر; لأنها لباس أهل الجنة. قال: ولذلك يستحب في الكفن، ولذلك سجي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها، والبياض خير منها.

وفيه كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقيل: أحد أكفانه حبرة، والأول أكثر. وقال الهروي: وهي الموشية المخططة .

ومعنى (سجي ببرد حبرة) أي: مد عليه. يقال: سجيت الميت، إذا مددت عليه ثوبا.

وقال ابن بطال : البرود هي برود اليمن التي تصنع من قطن وهي الحبرات يشتمل بها، وهي كانت أشرف الثياب عندهم.

ألا ترى أنه ( - عليه السلام - سجي بها حين توفي ولو كان أفضل من البرود شيء لسجي به.

وفيه: جواز لباس) رفيع الثياب للصالحين، وذلك داخل في معنى قوله تعالى: قل من حرم زينة الله الآية.

وفي حديث أنس ما يجبل عليه الشارع من شريف الأخلاق، وعظيم الصبر على جفاء الجهال، والصفح عنهم، والدفع بالتي هي أحسن، ألا ترى أنه ضحك حين جبذه الأعرابي، ثم أمر له بعطاء ولم يؤاخذه.

وفي حديث سهل: كرم الشارع وإيثاره على نفسه، وإن كان في حال حاجة آخذا ب ويؤثرون على أنفسهم الآية.

وفيه: أنه ينبغي التبرك بثياب الصالحين، ويتوسل بها إلى الله تعالى في الحياة والممات .

[ ص: 642 ] وفيه: جواز أخذ الهدية للرجل الكبير ممن هو دونه إذا علم طيب ما عنده.

وفيه: جواز (لوم من سأل) الإمام والخليفة ما عليه من ثيابه ، وسلف معنى قوله: "سبقك بها عكاشة".

التالي السابق


الخدمات العلمية