التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5500 [ ص: 680 ] 28 - باب: لبس القسي

وقال عاصم: عن أبي بردة: قلت لعلي: ما القسية؟ قال: ثياب أتتنا من الشام أو من مصر مضلعة فيها حرير فيها أمثال الأترنج، والميثرة كانت النساء تصطنعه لبعولتهن مثل القطائف يصفرنها. وقال جرير، عن يزيد في حديثه: القسية ثياب مضلعة يجاء بها من مصر، فيها الحرير، والميثرة جلود السباع. قال أبو عبد الله: عاصم أكثر وأصح في الميثرة.

5838 - حدثنا محمد بن مقاتل، أخبرنا عبد الله، أخبرنا سفيان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، حدثنا معاوية بن سويد بن مقرن، عن ابن عازب قال: نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المياثر الحمر والقسي. [انظر: 1239 - مسلم: 2066 - فتح 10 \ 292]


ثم ساق حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المياثر الحمر والقسي.

(الشرح) :

عاصم هو ابن كليب بن شهاب الجرمي، انفرد به مسلم، (وعلق البخاري كما ترى، وروى له في رفع اليدين والأدب، مات في خلافة المنصور) ، واسم أبي بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري.

[ ص: 681 ] (والقطائف واحدها قطيفة، وهي كساء له خمل، وشيخ جرير بريد - بضم الباء - وهو ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري، كذا ضبطه الدمياطي على "الحاشية" بخطه.

وأما المزي في "تهذيبه" فذكره في حرف الياء المثناة تحت، وقال: إنه يزيد بن أبي زياد القرشي، أخو برد، وعين أن البخاري روى له ذلك في هذا الباب معلقا فذكره، وأنه روى له في "رفع اليدين" و"الأدب"، وروى له مسلم مقرونا بغيره، وأن أحمد ويحيى بن معين في "جامعه" ضعفوه، وأن العجلي قال: هو جائز الحديث، وأنه كان بأخرة يلقن .

وقال ابن المبارك: (أكرم به) ، الذي حكاه عنه (ارم به) ) . والتعليق عن عاصم وصله أبو عبيد في "غريبه" ، وبين أنه عاصم بن كليب - كما ذكرناه.

فصل:

سلف بيان القسية; قال الطبري: القسط ثياب تعمل من الحرير بقرية

بمصر يقال لها: القسي.

[ ص: 682 ] وقال أبو عبيد : وأصحاب الحديث يقولون: القسي - بكسر القاف - وأهل مصر يفتحونها - ينسب إلى بلاد يقال لها: القس، رأيتها ولم يعرفها الأصمعي .

قال ابن سيده في "المحكم": قس، والقس موضع ينسب إليه ثياب تجلب من نحو مصر ، وقال القزاز: قس بالفتح، موضع تنسب إليه الثياب، وأصحاب الحديث يقولون: القسي بكسر القاف.

والصحيح أنه القسي لأنه منسوب إلى هذا البلد المذكور، وذكر الحسن بن محمد المهلبي المصري أن القس لسان خارج في البحر عنده حصن يسكنه الناس، بينه وبين القرناء عشرة فراسخ من جهة الشام، وقال الحازمي: هي من بلاد الساحل.

وقال الهروي في "الغريبين": قال شمر: القسي، قال بعضهم: وهو القزي، أبدلت الزاي سينا.

وعبارة النووي: هو بفتح القاف وكسر السين المشددة، وبعض أهل الحديث يكسر القاف. قال: والأول هو الصحيح المشهور، والقس: قرية من تنيس، وقيل: هي ثياب كتان مخلوطة بالحرير، وقيل: هي ثياب من الخز وهو رديء الحرير .

وقد سلف تفسيرها في البخاري، وفي "سنن أبي داود".

والقس: قرية بالصعيد .

[ ص: 683 ] فصل:

والمياثر بالثاء المثلثة جمع مثيرة بكسر الميم.

قال أبو عبيد : المياثر الحمر المنهي عنها، كانت مراكب من مراكب الأعاجم من ديباج أو حرير .

قال ابن بطال : كلامه يدل أنها [إذا] لم تكن من حرير أو ديباج وكانت من صوف أحمر، فأنه يجوز الركوب عليها، وليس النهي عنها كالنهي عنها إذا كانت منها، وهذا يشبه قول مالك.

قال ابن وهب: سئل مالك عن ميثرة أرجوان أيركب عليها؟ قال: ما أعلم حراما، ثم قرأ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده [الأعراف: 32] .

وقال الطبري: الميثرة: وطاء كان النساء يوطئنه لأزواجهن من الأرجوان الأحمر على سروج خيلهم، أو من الديباج والحرير، وكان ذلك من مراكب العجم.

وعند الهروي: نهي عن ميثرة الأرجوان، قال: وهي مرفقة تتخذ لصفة السرج، وكانوا يحمرونها، والأرجوان صبغ أحمر.

وفي "المحكم": الميثرة: الثوب تجلل به الثياب فيعلوها، والمثيرة: هنة كهيئة المرفقة تتخذ للسرج كالصفة، وهي المواثر والمياثر على المعاقبة .

وفي "مجمع الغرائب " للفارسي: الميثرة: النقرة.

[ ص: 684 ] وقال الخطابي - وذكر قوله - صلى الله عليه وسلم - : "لا أركب الأرجوان" - قال: الأرجوان: الأحمر، وأراه أراد به المياثر الحمر، وقد تتخذ من ديباج وحرير، وقد ورد فيها النهي، لما في ذلك من الشقة، وليست من لباس الرجال، وإنما سميت هذه المراكب مياثر؛ لوثارتها ولينها، وكانت مراكبهم اللبود أمروا أن يقتصروا عليها .

وقال النووي: هي وطاء كانت النساء تصنعه لأزواجهن على السروج، وتكون من الحرير، وتكون من الصوف وغيره، وقيل: هي أغشية للسروج تتخذ من الحرير، وقيل: هي سروج من الديباج، وقيل: هي كالفراش الصغير يتخذ من الحرير ويحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب على البعير تحته فوق الرحل، وهي مفعلة من الوثار، يقال: وثر وثارة فهو وثير، أي: وطيء لين، وأصلها موثرة، فقلبت الواو بالكسرة قبلها كما في ميراث وميقات، وأصله موراث وموقات.

وفي بعض نسخ البخاري: والميثرة: جلود السباع، يؤيده ما في النسائي من حديث المقدام بن معدي كرب، وجلود النمور.

فصل:

حديث الباب روي من غير طريق البراء، فلأبي داود من حديث أبي هريرة: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر" . وللنسائي عن علي: نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أقول نهاهم عن القسي .

[ ص: 685 ] وفي كتاب "الخاتم" لابن منجويه من حديث ابن عمر: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مياثر الأرجوان والتختم بالذهب.

ولأبي داود عن معاوية مرفوعا: "لا تركبوا الخز ولا النمار" .

التالي السابق


الخدمات العلمية