التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5518 [ ص: 40 ] 40 - باب: لا يمشي في نعل واحدة

5856 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يمشي أحدكم في نعل واحدة، ليحفهما [جميعا] أو لينعلهما جميعا". [ 5856 - مسلم: 2097 - فتح: 10 \ 309]


ذكر فيه حديث أبي هريرة أنه - عليه السلام - قال: "لا يمشي أحدكم في نعل واحدة، ليحفهما جميعا أو لينعلهما جميعا".

النعل: الحذاء، مؤنثة، يقال: نعلت وانتعلت إذا لبست النعل، ونهيه عن المشي في نعل واحدة; لأنه معلوم أن المشي قد يشق على هذه الحال; لأن رفع إحدى الرجلين من الماشي على حفاء إنما يكون مع التوقي لأذى نفسه، ويكون وضعه الأخرى على خلاف ذلك من الاعتماد والوضع لها من غير محاشاة وتقية، فيختلف من أجل ذلك مشيه، ويحتاج لذلك أن يتقلل من سجية المشي المعتاد، فلا يأمن مع ذلك من الغبار مع سماجته في الشكل وقبح المنظر، إذ يتقي في مشيه كالأعرج، قاله الخطابي .

وقيل: لأنه مأمور بالعدل بين جوارحه وهو من باب المثلة.

وعبارة (الأبهري) : نهى عنه لأنه (يخرج مشيه) إلى اختلال الرأي وضعف المسير.

وقال الداودي: ويذكر عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تخالف هذا، فإن ثبت عنها فلم ينقلها.

[ ص: 41 ] وروى وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن دينار قال: انقطع شسع نعل ابن عمر فمشى أذرعا في نعل واحدة .

قلت: يرده ما يأتي، قال في "المعونة": ويجوز ذلك في الشيء الخفيف إذا كان هناك عذر، وهو أن يمشي في إحداهما متشاغلا لإصلاح الأخرى، وإن كان الاختيار أن يقف إلى الفراغ منها .

قال الخطابي: ويدخل في النهي عن ذلك كل لباس شفع كالخفين، ولبس الرداء على المنكبين لا يدخل الرداء على أحد الشقين ويخلي (الأخرى) ، وهو فعل العوام، وأبدع العوام في آخر الزمان لبس الخواتيم في اليدين، وليس ذلك من جملة هذا الباب .

قلت: في ابن أبي شيبة: "ولا في خف واحد"، وفي لفظ: "إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها" .

وكذا قال الطحاوي في "مشكله": النهي فيه صحيح، (ومعناه) بين; لأن من لبس نعلا واحدا أو خفا واحدا كان ذلك عند الناس سخرية، لأنه مما ليس يستحسن من لباس الناس، فمثل هذا لو لم يكن فيه نهي لوجب أن ينهى عنه .

[ ص: 42 ] فصل:

روينا في "الجعديات": أنا زهير عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في نعل واحد حتى يصلح شسعه، و (لا يمشي) في الخف الواحد" .

وأما ما رواه ابن شاهين في "ناسخه" من حديث جبارة بن المغلس ثنا مندل - يعني: ابن علي - عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ربما انقطع شسع نعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمشي في نعل واحدة حتى يصلحها أو تصلح له ، فواه لا يعارضه.

وفي "علل الترمذي" من حديث ليث، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه (عن عائشة رضي عنها قالت: ربما مشى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نعل واحدة. وروى ابن علية والثوري عن عبد الرحمن عن أبيه) عنها أنها مشت في خف واحد. قال الترمذي: سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: الصحيح عن عائشة موقوف .

[ ص: 43 ] وروى ابن أبي شيبة، عن ابن إدريس، (عن ليث) عن نافع أن ابن عمر كان لا يرى بأسا أن يمشي في نعل واحدة، إذا انقطع شسعه ما بينه وبين أن يصلح.

قال: وثنا ابن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تمشي في خف واحد، وتقول: لأخالفن أبا هريرة.

ومن حديث رجل من مزينة: رأيت عليا - رضي الله عنه - يمشي في نعل واحدة بالمدائن، وعن زيد بن محمد أنه رأى سالما يمشي في نعل واحدة .

فائدة:

الشسع - بكسر الشين المعجمة، ثم مهملة ساكنة، ثم عين مهملة - : أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام هو السير الذي يعقد فيه الشسع.

قال عياض: وجمعه شسوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية