التوضيح لشرح الجامع الصحيح

ابن الملقن - عمر بن علي بن أحمد الأنصاري

صفحة جزء
5558 5898 - وقال لنا أبو نعيم: حدثنا نصير بن أبي الأشعث، عن ابن موهب، أن أم سلمة أرته شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - أحمر. [انظر: 5896 - فتح: 10 \ 352]


ذكر فيه حديثين:

(أحدهما) :

حديث محمد بن سيرين: سألت أنسا - رضي الله عنه - : أخضب النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال: لم يبلغ الشيب إلا قليلا.

[ ص: 119 ] وحديث ثابت: سئل أنس عن خضاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه لم يبلغ ما يخضب، لو شئت أن أعد شمطاته في لحيته.

ثانيهما:

حديث عبد الله بن عثمان بن موهب قال: أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء - وقبض إسرائيل ثلاث أصابع - فيه شعر من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها مخضبه، فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمرا.

وعن سلام، عنه أيضا قال: دخلت على أم سلمة، فأخرجت إلينا شعرات من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - مخضوبا.

وقال لنا أبو نعيم: ثنا نصير بن أبي الأشعث - وهو من أفراد البخاري - عن (ابن) موهب، أن أم سلمة أرته شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحمر.

الشرح:

سلام هذا قال الجياني: كذا جاء هنا غير منسوب في نسخة أبي محمد، ونسبه أبو علي ابن السكن: ابن أبي مطيع، وذهب الكلاباذي إلى أنه ابن مسكين، وقول ابن السكن أولى، والحديث محفوظ لابن أبي مطيع .

[ ص: 120 ] ووجه كونه لم يبلغ الشيب إلا قليلا؛ لأنه توفي وهو ابن ثلاث وستين والشيب (غالبا) يكون بعد ذلك قال أنس: توفي على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء . قال أبو جحيفة: كان أكثرها في عنفقته. زاد غيره: وصدغيه، والعنفقة: الشعر الذي بين الشفة والذقن وشمطاته شيبة.

والمخضب (بكسر الميم) المركن، وهي الإجانة التي تغسل فيها الثياب.

والجلجل: قال الداودي: هو الحق، روى النضر بن شميل، عن إسرائيل، عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: كان عند أم سلمة جلجل من فضة فيه شعرات من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان إذا أصاب أحدا عين أو اشتكى بعث بإناء فحصحص الشعر في الإناء، ثم يشربه ويتوضأ منه، فبعثني أهلي فاطلعت فيه، فإذا شعرات حمر . وإنما حصحصته لتبقى بركة الشعر في ذلك الماء، فيشربه المعين، إذا وصب فيدفع (الله) عنه ببركة ذلك الشعر ما به من شكوى.

وقوله: (مخضوبا). قال الداودي: إنما رأى حمرة الشعر من الطيب وظن أنه مصبوغ، لكن روى ابن أبي عاصم من هذا الوجه بلفظ: مخضوب بالحناء والكتم.

قلت: واختلفت الآثار، هل خضب أم لا؟ فقال أنس - كما مر - : لا، وهو قول مالك وأكثر العلماء، وقال عثمان بن موهب: إن أم سلمة

[ ص: 121 ] أخرجته مخضوبا. كما مر ، وأخرجه الطبري بزيادة: مخضوبا بالحناء والكتم، وقالت: هذا شعره، (وسلف أيضا عن غيره) .

وزعمت طائفة من أهل الحديث أنه خضب، لهذا الحديث وبما رواه ابن إسحاق، عن سعيد المقبري ، عن عبيد بن جريج أنه قال لابن عمر: إنك تصفر لحيتك; فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصفر بالورس، فأنا أحب أن أصفر به كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ ، وقد سلف.

ورواه القطان وحماد بن سلمة، عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري به، وقال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصفر لحيته ، وروى الطبري من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل قال: قدم أنس المدينة وعمر بن عبد العزيز وال عليها فأرسلني عمر إليه وقال: سله، هل خضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنا نجد ها هنا شعرا من شعره فيه بياض كأنه قد لون، فقال أنس: إنه - عليه السلام - كان قد متع بسواد الشعر، لو عددت خمس عشرة ما أقبل من رأسه ولحيته ما كنت أدري هل أعد خمس عشرة شيبة، فما أدري ما هذا الذي يجدون إلا من الطيب الذي يطيب به

شعره وهو غير لونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية